كيف بدا الموقف التركي مما يجري في حلب ؟!
تساؤلات كثيرة أثارتها عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها “هيئة تحرير الشام” بالتعاون مع فصائل “الجيش الوطني” والمدعوم من أنقرة، في مناطق الريف الغربي من حلب والشرقي الجنوبي من ريف إدلب، بسبب توفيت العملية والموقف التركي، كون أنقرة شريكة موسكو في ضمان اتفاقية منطقة “خفض التصعيد”، والتي تم خرقها في العملية المستمرة.
وعلى مدى أكثر من شهر، قبل انعقاد الجولة الـ22 لمسار آستانا للحل السياسي في سوريا في 11 و12 تشرين الثاني الحالي، كثفت “تحرير الشام” من استعداداتها لعملية عسكرية تستهدف توسيع سيطرتها التي تقتصر على شريط جبلي بالقرب في إدلب من حدود تركيا إلى محافظة حلب.
قوبلت الاستعدادات بالرفض من جانب روسيا، التي عقد عسكريوها لقاءات عدة مع عسكريين أتراك في إدلب، بهدف تخفيف التوتر بعد تصاعد الضربات الجوية الروسية، ودخول الجيش السوري على الخط، في محاولة من جانب روسيا لتحقيق سيطرة دمشق على آخر معاقل الفصائل المسلحة في الشمال السوري.
تابعونا عبر فيسبوك
وأبدت تركيا قلقها الشديد تجاه التصعيد في إدلب، والذي يخالف التفاهم التركي – الروسي بشأن مناطق “خفض التصعيد” في شمال غربي سوريا.
في المقابل، ترى روسيا أن تركيا لم تفِ بتعهداتها فيما يتعلق بفصل الفصائل “المعتدلة” عن “الجماعات المتشددة” في إدلب، بموجب التفاهمات بين الجانبين.
وكشفت تقارير عن ضغوط تعرضت لها “تحرير الشام” من جانب تركيا، وتهديدات بإغلاق المعابر الحدودية مع إدلب، بما يقطع خطوط الإمداد على “تحرير الشام”، الأمر الذي تم نفيه عملياً حيث دخلت أعداد كبيرة من الفصائل عبر الحدود التركية إلى سوريا، خلال اليومين السابقين.
وبدا أن هناك تراجعاً من جانب “تحرير الشام” عن العملية العسكرية الموسعة، إلى أن أطلقتها بشكل مفاجئ، فجر الأربعاء، في توقيت أثار الكثير من علامات الاستفهام.
فقد جاءت العملية وسط انتقادات صريحة من جانب أنقرة لكل من روسيا وإيران بشأن عملية إعادة العلاقات مع الحكومة السورية، حيث قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، منذ أيام، إن روسيا تقف على الحياد الآن في ملف إعادة العلاقات، بينما أعلنت موسكو صراحة للمرة الأولى أن تركيا تتصرف “كدولة احتلال في سوريا، وأن رفضها سحب قواتها هو ما يعرقل مسار إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق”.
وبعد ذلك، قال فيدان إن إعادة العلاقات بين بلاده وسوريا “ليس من أولويات إيران”، ولمح إلى العودة إلى مبادرة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لجمع الجانبين التركي والسوري في بغداد.
وتعارض “تحرير الشام” إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وتؤكد أن الحكومة السورية “لن يكون بمقدورها أن تضيف شيئاً إلى تركيا فيما يتعلق بأمن الحدود أو عودة اللاجئين”.
ويرى مراقبون أن التوصل إلى تفاهم بين أنقرة ودمشق، سيلقي بظلاله على “هيئة تحرير الشام”، وأن الحراك في هذا الاتجاه قد يدفعها إلى البحث عن حلول تضمن بقاءها ضمن أي تغييرات في الملف السوري.
ويعتقد هؤلاء أنه من المحتمل أن “تحرير الشام” تسعى لامتلاك أوراق قوة من خلال إطلاق معارك قد تعيد رسم خريطة السيطرة في الشمال السوري، بما يسهم في “فرض تفاهمات جديدة مع دمشق، تتيح للسوريين في تركيا العودة إلى مناطقهم في حلب وجنوب إدلب وشمال حماة”.
تابعونا عبر فيسبوك
وبعد إطلاق عملية “ردع العدوان”، لم يصدر عن تركيا موقف رسمي، ولم تتحرك باتجاه الضغط على “تحرير الشام”، وكان رد الفعل الوحيد هو ما ذكره مصدر مسؤول بوزارة الدفاع التركية، الخميس، من أن تركيا تتابع عن كثب التحركات الأخيرة للفصائل المسلحة في شمال سوريا، واتخذت كل الاحتياطات لضمان أمن القوات التركية هناك.
ومع بدء التحرك من جانب “تحرير الشام”، دفعت تركيا بتعزيزات ضخمة إلى مواقع قواتها بمنطقة “درع الفرات” في حلب، فضلاً عن نقاطها العسكرية في إدلب.
وأعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بأن “تركيا ليست منخرطة في الصراعات الدائرة في حلب لكنها تتخذ احتياطاتها”.وأضاف فيدان، بأن “شريان حياة الجماعات الإرهابية في المنطقة في أيدي الولايات المتحدة وهي غير قادرة على الاستمرار 3 أيام من دون دعم واشنطن”، مؤكداً أن أنقرة “لن نسمح أبداً للبنية الإرهابية في سوريا بأن تتحول إلى دولة”.
على الجانب الآخر، عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن التحركات الأخيرة لـ”تحرير الشام” والفصائل الداعمة لها هو “مخطط أميركي – إسرائيلي”، يهدف لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة، عقب إخفاقات وهزائم “إسرائيل” أمام المقاومة.
شاهد أيضاً : ماذا جري في الشمال السوري خلال الساعات الأخيرة ؟!