11327 عقوبة تم فرضها.. ما سبب صمود الروبل الروسي ؟!
مع غياب تقديرات أو بوادر حول سقف زمني لانتهائها، دخلت الحرب الأوكرانية عامها الثاني، دونما حلول تلوح في الأفق لإيقاف صمود آلة الحرب، وما سببته من أزمات اقتصادية حول العالم.
والحرب الروسية الأوكرانية التي اعتبرت الحدث العالمي الأبرز خلال العام المنصرم، انعكست سلباً على اقتصاد البلدين، وخاصة الاقتصاد الروسي الذي واجه عاصفة من العقوبات، وضعته تحت ضغوط هائلة.
وفيما أشارت التوقعات إلى أن تكون لانعكاسات الحرب، آثارٌ مدمرة على العملة الروسية، أظهر الروبل قدرة مفاجئة على الصمود، معانداً بقوة مفاعيل العقوبات، ما وضع الرئيس الأميركي جو بادين في موقف محرج، خصوصاً أنه أعلن خلال الأيام الأولى للحرب، أن خطوات بلاده شلت قدرات المركزي الروسي على دعم العملة الروسية، التي باتت تساوي أقل من بنس أميركي واحد، وهو كلام أثبتت الوقائع عدم صحته.
ويمكن القول إن الروبل الروسي استمد قوته خلال العام الأول من الحرب، من قرارات رئيسة المصرف المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، التي وصفت بالجنرال المالي الذي أدار معركة محافظة الروبل على قوته بدهاء، فهي نجحت في جعل العملة تصمد أمام 11327 عقوبة تم فرضها على الاقتصاد الروسي، خلال الفترة الممتدة من 22 شباط 2022 وحتى 19 شباط 2023، بحسب “ستاتيستا”.
تابعونا عبر فيسبوك
وبرز نجم نابيولينا في الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، عندما اجتاحت الروبل موجة دامية من الخسائر وصلت إلى فقدانه ما يقرب من 60% من قيمته، فقررت نابيولينا اتخاذ إجراءات سريعة ساهمت في لجم الانهيار، وذلك عبر رفع سعر الفائدة من 9.5% إلى 20%، لوقف نزيف سحب الأموال من البنوك.
كما فرضت على الشركات الروسية شراء الروبل بنسبة 80% من العملات الأجنبية، ووضعت سقفاً للسحوبات والتحويلات للخارج بالعملات الأجنبية، لتأتي الضربة القاضية لمفعول العقوبات، بطلب السلطات الروسية من الدول “غير الصديقة” دفع ثمن الطاقة الروسية المصدرة بالروبل، حيث ساهمت هذه الخطوة بالتحديد في إعادة العملة الروسية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل بدء الحرب.
وما تمكنت من تحقيقه إلفيرا نابيولينا خلال العام الأول للحرب، هو نتيجة عملها المسبق في إعداد بلادها للتعامل مع “اقتصاد العقوبات”، فروسيا كانت تواجه نحو 2750 عقوبة قبل بدء الحرب الأوكرانية.
وتستمر نابيولينا في قيادة القطاع المالي للبلاد بنجاح حتى الآن، حيث استطاعت إعادة مستويات الفائدة في روسيا إلى 7.5%، مع الأخذ في الاعتبار ديناميكيات التضخم، وعملية إعادة هيكلة الاقتصاد الروسي.
ومع دخول الحرب عامها الثاني، بدأت العملة الروسية في إظهار علامات ضعف، أدت إلى تسجيلها مستوى 76 روبلاً للدولار، في مؤشر يرى بعض الخبراء، أنه دليل على الاتجاه الذي ستسلكه العملة في المرحلة المقبلة، في حين يؤكد آخرون أن هذا التراجع مدروس، وأن العملة الروسية لا تزال تملك مقومات الصمود عند معدلاتها الحالية.
وبحسب مراقبين، فإن التراجع الكبير للروبل كان أمراً طبيعياً، في ظل وضع جيوسياسي استدعى هروب المستثمرين نتيجة استهداف الاقتصاد الروسي، بوابل من العقوبات التي تعد من الأقسى في التاريخ، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية وهي مرحلة التعافي المؤقت للروبل، بدأت في نهاية شهر آذار 2022، واستمرت حتى بداية شهر أيلول، حيث استعادت العملة الروسية قوتها، ووصلت إلى مستويات 50 روبلاً للدولار في يونيو 2022، بدعم من إلزام روسيا الدول “غير الصديقة”، بدفع ثمن مستورداتها من الغاز والنفط الروسييْن بالروبل.
إضافة إلى أن العملة الروسية تمر حالياً بالمرحلة الثالثة، التي تشير إلى أن الروبل سيسجل تراجعات بضغط من مفاعيل القرارات التي وضعت سقفاً لسعر النفط الروسي، وسقفاً لسعر الغاز المبيع في أوروبا، إضافة إلى إيجاد الدول الأوروبية بدائل للغاز الروسي، ما أدى إلى تقلص فائض الحساب الجاري الروسي، وتسبب في تراجع الإيرادات التي تحققها البلاد، نتيجة تراجع صادرات النفط والغاز ما انعكس هبوطاً بالروبل للمستوى الذي هو فيه الأن.
شاهد أيضاً : بعد الحزمة العاشرة من العقوبات.. روسيا تحيي معدناً استراتيجياً!