هل ستصبح القهوة قريباً مشروب الأغنياء فقط؟
لأسابيع ظل المطر يهطل بغزارة في التلال المحيطة ببحيرة فيكتوريا شرقي أوغندا، متحدياً الأنماط العاديّة لهطول الأمطار، مما ينذر بحدوث كارثة محتملة تضرب الاقتصاد المحلي لهذه الدولة.
يقول مزارع للبن يبلغ من العمر 83 عاماً: “في الماضي كانت تزرع كميات كبيرة من البن، وكنا نحصده ونقيس حجمه بالأكياس، ولكن ذلك لم يعد ممكناً في الوقت الحالي”.
تابعونا عبر فيسبوك
ويمثل انخفاض المحصول ضربة للحكومة الأوغندية، إذ تريد زيادة إنتاج البن ليبلغ 20 مليون كيس سنوياً بحلول عام 2030، كما تسعى لأن تحل محل إثيوبيا كأكبر منتج للبن في أفريقيا، غير أن العلماء ينظرون إلى خطط أوغندا في هذا المجال بتشكك، لأن تراجع حجم المحصول يشير إلى مشكلة خطيرة بعيدة المدى.
وفي البرازيل لم تعد هذه التطورات ظاهرة جديدة، وفي هذا الصدد يقول رئيس رابطة مصدري البن في البرازيل مارشيو فيريرا “بإمكاننا أن نحدد بعض الكوارث المناخيّة الكبرى التي شهدناها خلال السنوات الأخيرة”، ويوضح أن موجة شديدة من الجفاف بولاية إسبيريتو سانتو، التي تعد منتجاً رئيسياً لبن “روبوستا” في البرازيل، تسببت في انخفاض حجم المحصول من 13 مليون كيس إلى 8.35 ملايين كيس خلال الفترة من 2014 إلى 2016.
تفضل نباتات البن المناخ الدافئ الرطب الشائع في المناطق الاستوائية، ولكنها أيضاً لها متطلبات عالية للغاية من بيئتها الزراعية، وتنعكس أي تغييرات في أحوال التربة، ودرجات الحرارة على الفور على المذاق والجودة.
وعلى المدى الطويل، يؤدي ارتفاع درجة الحرارة أيضاً إلى خلق بيئة خصبة لانتشار الآفات الزراعية، مثل خنفساء حبوب البن أو إصابة نباتاته بالأمراض، حتى ولو كانت مزروعة على ارتفاعات كانت تعد من قبل آمنة.
وأصبح يتعين على مزارعي البن في مختلف أنحاء العالم أن يعدوا أنفسهم لمواجهة الظواهر الجوية القاسية ذات المدى القصير، مثل موجات الجفاف والعواصف والفيضانات، فمثلاً هندوراس التي تعد دولة بارزة في تصدير البن لدول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، تأثرت بالفعل ومعها البرازيل وفيتنام، باثنين من التداعيات الواضحة للتغير المناخي.
يشير عالم الأحياء غروتر إلى أنه توجد خيارات بديلة قليلة وبضع مناطق جديدة لزراعة البن، ويقول إنه من المرجح أن تنجح إثيوبيا ومنطقة جنوب غربي كينيا، على سبيل المثال، في اكتساب مناطق جديدة لزراعة البن.
ويقول بعضٌ من علماء الأحياء: “يكاد يكون من المستحيل نقل الإنتاج الزراعي إلى ارتفاعات أعلى على سبيل المثال”، حتى لو كانت درجات الحرارة المناسبة لزراعة البن متوافرة هناك، لأن ظروف التربة يمكن أن تحد من جودة البن.
ويضيفوا: أن “حبوب البن تحقق أعلى معدلات الجودة في حالة زراعتها في تربة منخفضة الحموضة وخصبة، وثمة معوقات أخرى في مناطق الزراعة الجديدة، مثل نقص الخبرة والمعرفة والافتقار إلى البنية التحتية”.
ويتوقع العلماء أن تواجه حتى شركات البن الكبرى مشكلات في المستقبل، والسبب في ذلك يرجع إلى أن هذه الشركات تخلط أنواعاً مختلفة من البن من أجل تحقيق مذاق أفضل، وسيؤدي تغير المناخ إلى صعوبة متزايدة في تحقيق الجودة، والكمية المنتجة نفسهما من البن في المستقبل، وبالتالي هناك ضرورة الآن لاتخاذ إجراءات للتكيّف مع التغير المناخي.
شاهد أيضاً:“المايوه”.. يتسبّب بمشكلة في لبنان !؟