هل الأمور تسير على ما يرام في الصفقة “السعودية الإسرائيلية” ؟!
تقوم إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” حالياً بحملة علنية شاملة في مسعاها لتحقيق التطبيع السعودي الإسرائيلي، لكن الأمور ليست كما تبدو عليه فعلاً، ففي ظل الوضع الحالي، من المؤكد أن الأمور لن تسير على ما يرام بالنسبة لجميع المعنيين.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأمريكية، “قبيل الانتخابات الرئاسية، استخف بايدن، المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية، بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وذلك بعد قضية مقــ.تل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وخلال السنة الأولى من رئاسته، رفض بايدن التعامل مع المملكة العربية السعودية وسعى إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والذي يهدد بتحويل ميزان القوى الإقليمي بعيداً عن السعوديين. ولكن بعد ذلك قامت روسيا، ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بالدخول إلى أوكرانيا. في تلك اللحظة، كان من المنطقي وضع الضغائن والمثالية جانباً والعمل مع السعوديين لزيادة إنتاج النفط، لإبقاء الأسعار منخفضة وحرمان روسيا من بعض الإيرادات على الأقل”.
وأضافت الصحيفة، “كان بإمكان إدارة بايدن أن تسعى إلى التعاون مع السعودية اعتباراً من آذار 2022، وتنشيط الشراكة الأمريكية مع مصدّر حيوي للنفط في الوقت الذي كانت فيه أسواق الطاقة العالمية أكثر عرضة للتهديد. إلا أنها ترددت بالقيام بذلك. وعندما قرر بايدن زيارة المملكة العربية السعودية، كان التنازل الوحيد الذي قدمه ولي العهد هو مصافحته بقبضة اليد. وبحلول نهاية الصيف، كان واضحاً أن المملكة العربية السعودية تنوي بالفعل خفض إنتاج النفط”.
وتابعت الصحيفة، “كان رد إدارة بايدن مؤلفاً من شقين، فمن ناحية التزمت الصمت بشأن التنازلات الملموسة للسعوديين، ومن ناحية أخرى شنت حملة ضغط قصوى، ليس ضد إيران هذه المرة، وإنما ضد إسرائيل بهدف إجبار حكومتها الضعيفة بشكل استثنائي على قبول سيطرة المقـــاومة اللبنانية على احتياطيات الغاز الحيوية في حوض البحر المتوسط الخريف الماضي”.
وأردفت الصحيفة، “في هذا السياق، لم يكن لدى بن سلمان سوى القليل من الخيارات المعقولة. إذا تمكنت الولايات المتحدة من دفع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ خطوات واضحة تصب في مصلحة إيران، فما الذي يمكن أن تنتظره المملكة من واشنطن؟ حينها، بدأ ولي العهد محاولة التقرب من الصين، وتجلى هذا الأمر من خلال الدور الذي لعبته بكين في تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية في آذار 2023. وأدى ذلك إلى تسارع البرنامج النووي الإيراني، وأصبح التسلح النووي محتملاً. وإذا لم تقم إيران بإجراء أي اختبار، فمن الممكن أن تمتلك ترسانة نووية صغيرة في غضون أشهر”.
تابعونا عبر فيسبوك
وبحسب الصحيفة، “ظاهرياً، تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والمملكة من شأنه أن يزود السعوديين ببرنامج طاقة نووية مدنية، مما يعني ضمانة أمنية على غرار الناتو، ووجود قوات أميركية في البلاد، وتوفير التكنولوجيا العسكرية الغربية المتقدمة. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تزيد إسرائيل مرونتها بشأن القضية الفلسطينية. يبدو الأمر جذاباً، تأمين نظام أمني في الشرق الأوسط قادر على احتواء إيران، وعزل الصين وروسيا، والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الإقليمية. لكن باطنياً، الوضع مختلف تماما. وبحسب ما ورد، تدرس إدارة بايدن التوصل إلى تفاهم فظ لحفظ ماء الوجه مع طهران، يقضي بعدم إعلانها صراحةً عن امتلاكها ترسانة نووية، حتى لو حصلت عليها. وفي المقابل، ستخفف الولايات المتحدة عقوباتها على النفط الإيراني. إن رشوة طهران لتلتزم الصمت بعد التسلح لن تضمن السلام، لكنها ستمنع إيران من الاستهزاء بالتردد الأمريكي”.
وتابعت الصحيفة، “إن الصفقة الإسرائيلية السعودية المذكورة أعلاه تتناسب مع هذه الإستراتيجية، إلا أن العلة الوحيدة أنها تؤجل فقط قضية العدوان الإيراني. في الواقع، السعوديون ليسوا مناهضين لإيران كما وليسوا على استعداد للدخول في حرب من شأنها أن ترتب عليهم تكاليف مالية ضخمة. إن التحول التكنولوجي الذي يتصوره بن سلمان لبلاده لا ينطوي على زيادة في النشاط العسكري في الخارج، بل على خفضه، وتجنب المنافسات الإقليمية والأوراسية. إذاً نعم، قد توافق المملكة العربية السعودية على منع الصين من الوصول العسكري إلى أراضيها، أو حتى إلغاء صفقتها مع شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي”. لكن هناك فرصة محدودة فقط لأن ينخرط السعوديون في عملية توازن جيوسياسي كبيرة مع إيران”.
وختمت الصحيفة، “قد يكون إنشاء شرق أوسط جديد أمراً ممكناً، ولكن هذا ليس هو الطريق الصحيح”.
شاهد أيضاً: “وشهد شاهد من أهله”.. أمريكا تعامل جنود الجيش الأوكراني مثل “القمامة” ؟!