ما الذي يدفع السعودية لرفع مستوى علاقاتها مع سوريا ؟!
بعد عدة إجراءات قامت بها المملكة في سوريا على رأسها الإعلان عن تعيين سفير لها في دمشق، يرى البعض من المحللين أن هذه الخطوة تأتي في إطار التحولات الإقليمية التي تشهدها العلاقات بين السعودية ودول المنطقة، فيما يراها آخرون أنها جزء من تفاهمات أوسع تتعلق بمسار الأزمة السورية والأوضاع المتوترة في المنطقة.
وتركزت معظم التحليلات حول الموقف من دمشق بشكل رئيسي، وكذلك القرار السعودي باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا منذ أكثر من عام.
هذا الأمر أدى إلى بعض التفسيرات التي قد تبدو أشبه بالخيال أكثر من كونها تحليلات واقعية، مثل الادعاء بأن الخطوة السعودية جاءت كمكافأة لدمشق على موقفها “الحيادي” تجاه الحرب “الإسرائيلية” على غزة، أو نتيجة تقديم دمشق التزامات معينة خلال لقاء جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
كما تم التكهن بأن الرياض تسعى لتعزيز دورها في حل الأزمة السورية من خلال زيادة فرصها في استضافة أعمال اللجنة الدستورية التي توقفت منذ عدة أشهر.
وتشير المؤشرات الإيجابية التي ظهرت خلال الأشهر الماضية، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين دمشق والرياض، إلى أن تعيين سفير سعودي في سوريا لم يكن بحاجة لانتظار نتائج لقاء الرئيس الأسد بولي العهد السعودي، كما قد يكون البعض قد افترض.
تابعونا عبر فيسبوك
عادةً، يتم إعلام الدولة المرشحة بتعيين السفير الجديد للحصول على موافقتها، مما يعني أن الإجراءات الدبلوماسية المعتادة كانت قد تمت بالفعل قبل الإعلان الرسمي عن تعيين السفير. هذا الإعلان جاء ليؤكد المسار الإيجابي الذي تتجه إليه العلاقات بين البلدين.
في نهاية العام الماضي، قدم السفير أيمن سوسان أوراق اعتماده كأول سفير سوري في الرياض منذ عام 2012، والذي يشير إلى أهمية الرياض في العلاقات الدبلوماسية السورية، حيث اختارت دمشق شخصية سياسية بارزة لهذا المنصب.
كما شهدت الأشهر الماضية زيارات رسمية لعدد من الوزراء السوريين إلى الرياض، للمشاركة في مؤتمرات إقليمية ودولية، إضافة لزيارات قام بها رجال أعمال وشخصيات اجتماعية إلى السعودية لبحث فرص التعاون الثنائي وإقامة مشاريع مشتركة.
ولعل الخطوة التي برزت بشكل كبير هي قيام الرياض بإعادة ملف الحج إلى وزارة الأوقاف السورية، واعتماد جوازات السفر السورية كوثيقة وحيدة لدخول الحجاج السوريين إلى أراضيها.
إضافة إلى ذلك شهدت الأشهر الماضية تحسناً في المبادلات التجارية بين البلدين، وهي لم تتوقف تماماً حتى خلال فترة الحرب في سوريا، ومن المتوقع أن ترتفع المبادلات التجارية نتيجة للتنسيق الاقتصادي المشترك ومعالجة المشاكل التي تواجهها.
من جانبه قام القائم بالأعمال السعودي في دمشق بأنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية تتجاوز المعتاد، مما يدل على أن الرياض تسعى لإعادة بناء علاقاتها مع المؤسسات السورية، حيث أبدى اهتماماً بزيارة بعض المراكز الصحية ومعرفة احتياجاتها في ظل العقوبات المفروضة على سوريا.
إذاً، ما الذي يدفع السعودية لرفع مستوى علاقاتها مع دمشق في ظل الجمود السياسي حول الأزمة السورية؟
إن الاهتمام السعودي بإيجاد حل للأزمة السورية لا ينفي وجود عوامل أخرى تدفع الرياض لتعزيز علاقاتها مع دمشق، سواء للمساعدة في حل الأزمة أو لتفعيل التعاون الثنائي والإقليمي، وهناك ملفات إقليمية مشتركة مثل مساعدة لبنان على تجاوز أزماته، وحل “الصراع العربي-الإسرائيلي”، الذي لا يمكن أن يتم دون مشاركة سوريا، إضافة لمسائل الإرهـ.اب وتهريب المخدرات التي تشكل تهديداً حقيقياً لدول المنطقة.
كما أن الموقع الجغرافي لسوريا يفرض على دول مثل تركيا والأردن التعاون مع دمشق، بغض النظر عن تطورات الأزمة السورية والمواقف الغربية منها، كما أن العديد من الدول الأوروبية تحتفظ بقنوات تواصل دبلوماسية مع دمشق.
لكن عندما تتوقف الولايات المتحدة عن تطبيق بعض عقوباتها على سوريا، يمكن القول إن هناك تحضيرات سياسية جارية، وعندما تستعيد دمشق بعضاً من حقول النفط، يمكن القول إن هناك تحركاً جدياً في الأفق.
فالاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية لم يكن مبنياً على تنازلات كبيرة من أي طرف، وكذلك يمكن أن يكون الحال بين السعودية وسوريا.
شاهد أيضاً : محادثات بوتين وأردوغان حول سوريا وأوكرانيا