التقارب السوري التركي.. ما سر التحركات الأخيرة شمال سوريا ؟!
خلال الأسبوعين المنصرمين عاد الحديث عن العلاقات بين سوريا وتركيا إلى صدارة الأخبار المتداولة، لتشغل حيزاً من النقاشات والاهتمامات في المجتمع السوري بكافة توجهاته واهتماماته.
ويبدو أن منطقة الشمال السوري، التي تنتشر فيه قوات تركية وتدعم الفصائل والجماعات المسلحة فيها، هي الأكثر تأثراً وتفاعلاً مع هذا الملف، مما يجعلها محل اهتمام كبير لما قد يحمله المستقبل من تطورات وتأثيرات.
وتشير المعلومات القادمة من أرياف حلب، وخاصة في الشمال والشرق، إلى وجود حركة متسارعة لبيع الأراضي والعقارات، يقوم بها قادة الفصائل وبعض التجار والنافذين المحسوبين على “المعارضة السورية” بأسعار تقل عن نصف القيمة الحقيقية للمتر المربع في تلك المناطق.
وتعكس هذه الحركة نظرة هؤلاء المستقبلية وتوقعاتهم للأوضاع في المنطقة، وكذلك مستقبلهم الشخصي.
تابعونا عبر فيسبوك
وشهدت الأيام الأخيرة اعتقالات قامت بها “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني”، المدعوم من أنقرة، حيث تم احتجاز بعض القادة الميدانيين وعدد من كوادر الفصائل، وتم نقل بعضهم إلى الداخل التركي بعد “تعرضهم لسوء المعاملة”، بحسب مصادر ميدانية.
وتعتبر هذه الاعتقالات إشارة واضحة من تركيا حول الطريقة التي تنوي التعامل بها مع أي شخص يعارض مخططاتها.
وتعد هذه الاعتقالات جزءاً من الاختبارات العملية التي تكشف التحديات التي قد تواجهها أنقرة في الشمال السوري في حال التوصل إلى اتفاق مصالحة شامل مع الحكومة السورية في دمشق، بحسب محللين سياسيين.
وعلى الرغم من أن هذه الاعتقالات ليست جديدة، إذ تكررت عدة مرات خلال العامين الماضيين، خاصة منذ بدء المساعي الروسية والإيرانية للتوصل إلى تسوية بين سوريا وتركيا، والتصريحات الإيجابية المتبادلة بين الجانبين، فإن هناك اختلافاً في الوضع الحالي.
فقد أصبح الحراك الروسي أكثر وضوحاً في منطقة الشمال، وأصبحت الجهود تتخذ طابعاً عملياً بدلاً من التصريحات المتبادلة.
التقارير الإعلامية الأخيرة تحدثت عن لقاءات أمنية بين الوفود السورية والتركية، بما في ذلك لقاء أمني رفيع المستوى برعاية روسية في قاعدة “حميميم” في اللاذقية، فضلاً عن لقاء سياسي مرتقب في بغداد.
وفي تطور لاحق، شهدت مدينة “تل أبيض” تحركات عسكرية روسية، حيث انطلق وفد روسي لمقابلة وفد تركي، مما أثار تكهنات حول إمكانية تسليم بعض المواقع العسكرية للجيش السوري.
هذه التسريبات أثارت قلق “قادة الفصائل” في الشمال، الذين بدأوا في “تحريض كوادرهم على رفض أي خطوة تركية لتسليم المواقع”.
وقد حدثت اعتقالات لبعض هؤلاء القادة الذين أبدوا تخوفهم من تسليم المنطقة للجيش السوري. وبرغم وجود مؤشرات على تقدم المفاوضات، إلا أن الحديث عن تنفيذ خطة شاملة بهذه السرعة يبدو غير متسق مع أسلوب تركيا المعروف بالمماطلة.
بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للعراق في نيسان، والتي تلاها زيارة لرئيس “هيئة الحشد الشعبي” إلى دمشق، أعلن رئيس الوزراء العراقي عن وساطة لتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا.
وأشار مصدر مطلع في الحكومة العراقية إلى أن “السوداني حصل على موافقة صريحة من الرئيس التركي للقيام بهذه الوساطة”، مما يعطي مؤشراً إيجابياً على إمكانية تحقيق تقدم في العلاقات بين البلدين.
من جهة أخرى، صرح قائد القوات الروسية في سوريا عن اتفاق مع تركيا لإعادة رسم خريطة التموضع في شمال غرب سوريا، مما يشير إلى تقدم ملموس في الحراك الميداني.
وقد تزامن ذلك مع تعزيزات عسكرية تركية في منطقة “جبل الزاوية”، مما قد يعني استعدادات لتسليم بعض الطرق الهامة للجيش السوري.
وبالرغم من ذلك، تبقى دمشق متحفظة وتطالب بتعهدات واضحة من تركيا قبل أي خطوات سياسية كبيرة. وستكون الأيام القادمة اختباراً حقيقياً لمدى جدية تركيا في الالتزام بتفاهماتها مع روسيا وسوريا.
شاهد أيضاً : “البطاقة الزرقاء”.. مقترح لـ”تتريك” السوريين في تركيا ؟!