بعد المفاجأة البرلمانية.. فرنسا نحو سيناريو سياسي مجهول التفاصيل ؟!
مفاجأة كبيرة شهدتها نتائج الانتخابات البرلمانية الفرنسية يوم أمس، بعد توقعات بأن يحصد “التجمع الوطني اليميني” أكبر عدد من الأصوات، خاصة مع الأداء الجيد الذي أظهر الحزب اليميني في الجولة الأولى على حساب كتلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأتت نتائج الانتخابات التشريعية مفرزة جمعية وطنية “مشرذمة” بين ثلاث كتل، ومعها تبدأ الطبقة السياسية الفرنسية اليوم الاثنين المداولات لبناء غالبية مجهولة المعالم أو لحكومة “تكنوقراط” وتعيين رئيس للوزراء.
كان يتوقع أن يتصدر أقصى اليمين الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية إلا انه حل ثالثاً، بعدما تشكلت “جبهة جمهورية” من جانب اليسار والوسط في الفترة الفاصلة بين الدورتين الانتخابيتين، حرمته من الوصول إلى السلطة. إلا انه حقق تقدماً لافتًا مع توقع حصوله على 135 إلى 145 نائباً.
ومن دون حصول أي طرف على الغالبية المطلقة وحلول تحالف يساري “هش” في الصدارة يتعيّن عليه الصمود أمام تحدي وحدة الصف، ومعسكر رئاسي “استطاع انقاذ ماء الوجه” لكنه لا يمكنه الاستمرار بمفرده، تجد فرنسا نفسها الاثنين في أجواء غير مسبوقة مطبوعة بـ”عدم اليقين”.
تابعونا عبر فيسبوك
وتحدت الجبهة الشعبية الجديدة التوقعات وأصبحت القوة الأولى في الجمعية الوطنية مع 177 إلى 198 نائباً، متقدمة على معسكر الرئيس ماكرون. وإن كانت تبقى بعيدة عن الغالبية المطلقة المحددة بـ289 نائباً، إلا أنها قد تثبت سريعاً أنها قوة لا يمكن الالتفاف عليها.
إلا ان الحزب الرئيسي فيها، “فرنسا الأبية” الذي ينتمي إلى اليسار الراديكالي، هو محور توترات كثيرة فيما زعيمه جان لوك ميلانشون “استفزازي لكنه يتمتع بكاريزما معينة، ينفر منها حتى البعض في صفوف معسكره”.
ودعت النائبة عن “فرنسا الأبية” كليمانتين أوتان نواب الجبهة الشعبية الجديدة، إلى الاجتماع الاثنين “في جلسة عامة” لاقتراح مرشح لرئاسة الوزراء على ماكرون، “لا يكون الرئيس السابق فرنسوا هولاند ولا جان لوك ميلانشون”.
أما النائب فرنسوا روفان الذي انفصل نهائياً عن “فرنسا الأبية”، فدعا من جهته إلى الحكم “بلطف”، في انتقاد مبطن لميلانشون الذي سبق وترشح ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية والذي يصفه بأنه من انصار “الغوغاء والغضب”.
وحققت الغالبية الرئاسية التي حلت ثانية بعدما صمدت بشكل غير متوقع، 152 إلى 169 نائباً.
وأعلن قصر الإليزيه مساء الأحد أن ماكرون الذي لم يعلق رسمياً بعد، سينتظر “تشكيلة” الجمعية الوطنية ليقرر من سيعين في منصب رئيس الوزراء.
وقال رئيس الوزراء غابريال أتال إنه سيقدم استقالته الاثنين لكنه مستعد للبقاء في منصبه “طالما يستدعي الواجب”، خصوصاً مع استضافة باريس دورة الألعاب الأولمبية قريباً.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه من أن الغالبية المنتهية ولايتها ستضع “شروطاً مسبقة لأي نقاش”، من أجل تشكيل غالبية جديدة ذاكراً العلمانية والبناء الأوروبي ودعم أوكرانيا، خاتماً بالقول إن ميلانشون “والبعض من حلفائه لا يمكنهم حكم فرنسا”.
أما التجمع الوطني، فقد حقق تقدماً في البرلمان إلا انه تخلف كثيراً عن الغالبية النسبية أو المطلقة التي كان يحلم بها.
وأعلنت مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي “نصرنا مؤجل فحسب. المد يرتفع. لم يرتفع بالمستوى الكافي هذه المرة لكنه يستمر بالصعود”، مضيفة “لدي خبرة كبيرة تكفي لكي لا أشعر بخيبة أمل بنتيجة ضاعفنا فيها عدد نوابنا”.
شاهد أيضاً : لماذا لم يؤيد ترامب المادة 25 التي تعزل بايدن من رئاسة أمريكا ؟!