كيف سيؤثر الانسحاب الأمريكي على سوريا إذا ما حصل ؟!
قبل حوالي 8 سنوات، ومع استعادة الجيش السوري سيطرته على مناطق واسعة من البلاد وتقدمه نحو المنطقة الشرقية لتحريرها من قبضة “تنظيـ.ـم الدولة”، سارع الجيش الأمريكي تحت ما يسمى بـ”التحالف الدولي” لمحاربة “التـ.ـنظيم” إلى احتلال معظم حقول النفط والغاز في تلك المنطقة.
هذه الحقول كانت قبل الحرب تؤمن اكتفاءً ذاتياً للبلاد من المشتقات النفطية وتوفر العديد من المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل القمح والقطن، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية.
ومنذ ذلك الحين، تواجه سوريا أزمة اقتصادية خانقة نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها عدم قدرة الحكومة السورية على استثمار مواردها النفطية والزراعية والتجارية.
الأمر الذي اضطرها إلى استيراد النفط الخام والقمح بقيمة لا تقل عن 300 مليون دولار شهرياً، مما أدى إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف، وتعثر محاولات إنعاش الإنتاج المحلي، وزيادة المديونية الخارجية، ونقص الكميات المتاحة للاستهلاك المحلي، والحاجة إلى ترشيد شديد في الواردات.
تابعونا عبر فيسبوك
وبالرغم من تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين عن استمرار بقاء القوات الأمريكية في الشرق السوري رغم عدم شرعيته، فإن التطورات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك الاستهدافات التي تعرضت لها القواعد الأمريكية رداً على حرب غزة، وانتفاضة العشائر العربية ضد قوات “قسد”، وحديث التقارب بين دمشق وأنقرة، تضغط جميعها على الوجود الأمريكي في سوريا.
كما أن احتمال عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية قد يؤدي إلى انسحاب أمريكي من سوريا، إذا التزم ترامب بتنفيذ وعوده الانتخابية.
الانسحاب الأمريكي، الذي تراه دمشق حتمياً عاجلاً أم آجلاً، يدفعنا إلى التساؤل عن التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا الانسحاب، فهل يمكن أن يساعد في معالجة الأزمة الاقتصادية في سوريا؟ الإجابة ليست بسيطة، وهناك عدة عوامل تعيق تحقيق هذا الهدف:
الأضرار الهائلة في البنية التحتية: الحرب تسببت في دمار كبير للبنية التحتية والمرافق الخدمية والبيئية في المنطقة الشرقية، وتحتاج هذه الأضرار إلى وقت طويل وموارد ضخمة لإصلاحها.
كما أن التخريب والاستثمار الجائر للآبار النفطية من الفصائل المسلحة المختلفة، ما يتطلب مبالغ كبيرة وإمكانيات فنية عالية لإعادة تأهيل هذه الآبار.
كذلك التلوث الزراعي بعد انتشار المصافي النفطية البدائية، مما يشكل عائقاً أمام استعادة الإنتاج الزراعي.
إضافة إلى ذلك استمرار نشاط وجود “التنظيم” في المنطقة يعيق أي مشاريع إقليمية لتطوير البنية التحتية.
ولابد من الإشارة إلى أن العقوبات تمنع أي تعاون اقتصادي مع سوريا في مجال إعادة الإعمار والطاقة، مما يؤخر جهود إصلاح قطاع النفط والغاز.
كما أن مستقبل العلاقة مع “قسد” يحتاج إلى فتح حوار مع المكونات الاجتماعية المحلية لتحقيق السلام والاستقرار، لذلك، إعادة دمج اقتصاد المناطق الشرقية في الاقتصاد السوري تتطلب العمل على عدة جبهات بحسب خبراء:
أولاً: السماح لسوريا بإطلاق عملية إعادة بناء وتنمية في المنطقة الشرقية، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، يمكن للشركات النفطية مقاضاة الولايات المتحدة لرفع العقوبات.
ثانياً: لابد من إطلاق حوارات مجتمعية لبناء تماسك واستقرار مجتمعي بغية ضمان نجاح أي مشروع تنموي.
ثالثاً: يجب تنفيذ خطة تنموية تمتد على 5 سنوات، تبدأ بتقييم الأضرار وإعادة بناء المنشآت والبنية التحتية، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، وإعادة النازحين.
تحقيق هذه الأهداف يتطلب جهداً كبيراً وتعاوناً على مختلف المستويات لضمان استقرار المنطقة وتنميتها.
شاهد أيضاً : “قسد” تقدم تنازلات “غير مسبوقة” في سوريا.. ما القصة ؟!