“رغم كل التفاؤل”.. ما هي أهم عقبات إعادة العلاقات بين سوريا وتركيا ؟!
في ظل كل المؤشرات التي تشير إلى اجتماع قد يكون قريباً بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن إعادة العلاقات بين سوريا وتركيا، “لا يمكن أن يحصل إلا بشكل تدريجي” وفق محللين، نظراً للقضايا الشائكة بين الطرفين.
وتقول نائب رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد السلام الأمريكي، منى يعقوبيان، لوكالة “فرانس برس” إن المصالحة “لن تحصل بين عشية وضحاها، بغض النظر عما يحدث، حتى لو جرى لقاء بين الأسدوأردوغان”.
وتشير إلى “تعقيدات” في ملفات عدة عالقة، تجعل من المؤكد أن استعادة العلاقات “ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد”.
قبل عام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا. وجمعت أردوغان علاقة صداقة بالرئيس الأسد. لكن العلاقة بينهما انقلبت رأساً على عقب مع بدء الأزمة السورية.
آذار عام 2012 أغلقت تركيا سفارتها في دمشق. وقدمت دعماً لـ”المعارضة السياسية منها والمسلحة” في سوريا.
تابعونا عبر فيسبوك
ومع تطور المواقف خلال الأيام الماضية، ظهر تحول كبير في الموقف التركي تجاه دمشق، حيث قال أردوغان في أبرز تصريحاته الأخيرة إنه قد يدعو الرئيس الأسد إلى تركيا “في أي وقت”، بعدما كان أرسل مؤشرات إيجابية تجاه الأسد في العام 2022. ويبدأ بعدها مسؤولون من البلدين عقد لقاءات ثنائية بوساطة روسية.
وأبدى الرئيس الأسد الاثنين إيجابية تجاه مبادرة نظيره التركي، لكنه قال إن “المشكلة ليست في حصول اللقاء بحدّ ذاته إنما في مضمونه”.
ويقول آرون شتاين، رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية، ومقره الولايات المتحدة، لوكالة “فرانس برس”، إن “سوريا واللاجئين السوريين باتوا عبئاً كبيراً على أردوغان”، معتبراً أن “استثمار أنقرة في المعارضة السياسية، من وجهة نظر عسكرية، باء تماماً بالفشل”.
لكن تركيا تعتبر أن هدف وجودها في سوريا، وفق ما يوضح مصدر في وزارة الدفاع، هو “القضاء على الهجمات الإرهابية والتهديدات ضد أراضيها ولمنع إنشاء ممر إرهابي” قرب حدودها، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين يقودون “قسد”، الذراع العسكرية لـ”لإدارة الذاتية الكردية”.
وتشترط دمشق منذ العام 2022 أن تسحب تركيا قواتها، من على الشريط الحدودي في شمال البلاد، كمقدمة للقاء الرئيس الأسد بنظيره أردوغان.
وسأل الأسد الاثنين “ما هي مرجعية اللقاء؟ هل ستكون إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب، وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية؟”، مضيفاً “هذا هو جوهر المشكلة”.
رغم التباينات، تتفق أنقرة ودمشق على رفض “الحكم الذاتي للأكراد”. وبينما تريد أنقرة إبعادهم عن حدودها، تحمل دمشق عليهم “نزعتهم الانفصالية” وتلقيهم الدعم من واشنطن.
تابعونا عبر فيسبوك
وتثير المؤشرات على تقارب بين دمشق وأنقرة مخاوف “الإدارة الكردية”، التي يقول محللون إنها قد تدفع الثمن الأكبر، مع رغبتها بالحفاظ على مكتسبات حققتها خلال سنوات الحرب.
ورأى مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن سونير كاغابتاي أنه في مرحلة انتقالية، لا يستبعد كاغابتاي أن “يعترف أردوغان بسلطة الرئيس الأسد في شمال غرب سوريا، لكن مع أن يبقى الأمن في يد أنقرة، على أن يكون الهدف النهائي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا”، مشيراً إلى أنه “الجزء الأصعب من إعادة العلاقات”.
فعند بروز مؤشرات تقارب عام 2022، خرجت تظاهرات غاضبة في مناطق عدة في إدلب بتوجيهات من “هيئة تحرير الشام”. وخرجت تظاهرات مماثلة وإن كانت محدودة خلال الشهر الحالي رفضاً لـ”إعادة العلاقات” بين أنقرة ودمشق، أيضاً بتوجيهات من الفصائل المسلحة في المنطقة، بحسب مصادر ميدانية.
وفي شمال شرقي البلاد، يرى شتاين أن الوجود الأمريكي سيجعل أي هجوم تشنه تركيا بتفويض من دمشق تجاه الأكراد خياراً محفوفاً بالتحديات. لذا، فإن تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا هي “الأداة الوحيدة المتاحة.. كونها تخوّل تركيا شن عمليات في سوريا على عمق 5 كيلومتر من الحدود” إذا تعرض أمنها القومي للخطر.
وأنهى الاتفاق عند توقيعه في العام 1998 توتراً بين الدولتين، حين حشدت تركيا قواتها قرب الحدود احتجاجاً على دعم قدمته دمشق لـ”حزب العمال الكردستاني”. ولطالما اتهمت دمشق أنقرة بـ”خرق الاتفاق” منذ بدء الأزمة السورية عام 2011.
ومع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واحتمال وصول إدارة جديدة، لا تستبعد يعقوبيان أن يكون التقدم نحو المصالحة بمثابة “تحسب لأي تحول محتمل في السياسة الأمريكية” تجاه سوريا.
شاهد أيضاً : “عين الأسد” تحت مرمى نيران “الفصائل الشعبية” في العراق ؟!