الاستثمار في التعليم بسوريا.. قصّة حزينة كُتَّابها كُثر ؟!
ضمن التساؤلات التي تطرحها “كيو بزنس” عن دور الاستثمار اليوم على الصعيد المحلي والدولي في سوريا، وقع اختيارنا على قطاع التعليم، للبحث في سبل استثماره وتطويره، على اعتباره قطاعاً لا يقل أهميةً عن القطاعات الأخرى في الدولة.
وإن كان التعليم في سوريا أكثر القطاعات تضرراً في سوريا وفقاً لكثير من التقارير الأممية، فإنه الأكثر حاجة لأن يكون على رأس أجندات الدولة الاستثمارية.
ويقول الكاتب والباحث من جنوب إفريقيا د. “روسبر دزيتسي”: إن تدمير أي أمة لا يتطلب استخدام القنابل الذرية أو الصواريخ بعيدة المدى، بل يتطلب فقط خفض جودة التعليم والسماح للطلاب بالغش في الامتحانات”.
تابعونا عبر فيسبوك
التعليم الخاص.. تجارة مربحة !
يتبادر إلى ذهن القارئ أن الاستثمار في قطاع التعليم السوري سيكون عبر القطاع الخاص من مدارس وجامعات خاصة، والتي تُدِّر أرباحاً طائلة لأصحابها باعتبارها مشروعاً استثمارياً دون أن يكون تنموياً يفيد المجتمع السوري.
في هذا الصدد، كشف عضو في لجنة التعليم في مجلس الشعب لـ”كيو بزنس” عن المآسي التي تكتسي واقع التعليم في سوريا، رافضاً عن الكشف عن هويته، أكد عضو اللجنة أن “التعليم العالي الخاص فقد الاعتمادية وتوجه لأن يصبح مشروعاً تجارياً لا يحدث اختراقاً في التنمية والنهضة المأمولة”.
وأضاف عضو اللجنة : “نحن في مرحلة إعادة إعمار وعلى الرغم من عدد الكليات الضخم الموجود لدينا، إلا أنها تفتقر للمخابر المهنية والأسس الأكاديمية المتبعة، إضافة إلى أن العقلية التي يتبعها مسؤولو التعليم العالي في البلاد لن ترقى للمستوى الذي يمكن التعويل عليه لنهضة مستقبلية”.
واستنكر عضو اللجنة وجود عدد كبير من الكليات الطبية في الجامعات الخاصة دون أن يكون لها تجهيزات مخبرية أو تقنية، قائلاً: “فسروا لنا لماذا هناك أكثر من 5 كليات للطب البشري، و 14 كلية لطب الأسنان، و 16 كلية للصيدلة في الجامعات الخاصة السورية فقط، بينما لم تقدم هذه الكليات طبيباً كفؤاً منذ سنوات..؟، سوى أن تكون ذات أهداف تجارية بحتة !.
ولا أدل على ذلك من الرسوم الدراسية الباهظة التي أقرتها وزارة التعليم العالي بخصوص الكليات الطبية في الجامعات الخاصة، حيث أن رسوم الطب البشري في السنة الواحدة 20 مليون ليرة، ولطب الأسنان 15 مليون ليرة، أما بالنسبة لكليات الصيدلة 13 مليون ليرة.
نفتقد للمنظومة والتخبط لن يؤهل القطاع التعليمي ليكون قابل للاستثمار !
وانتقد عضو اللجنة التخبط الحاصل سواءً في وزارة التربية أو التعليم العالي مطالباً بنسف العقلية الموجودة واتباع عقلية جديدة بدءاً من التعليم الابتدائي وصولاً لدرجة الدكتوراه.
وأضاف: “كل وزير أو مسؤول يأتي لديه رؤية خاصة يود تطبيقها، متناسياً أن التعليم منظومة متكاملة لها رؤية محددة وطويلة الأمد”.
وضرب مثالاً على ذلك فقال: هناك قرارات كثيرة صدرت عن وزارة التربية والتعليم مؤخراً لم تكن مدروسة وأوقفها مجلس الوزراء.. منها قرار أتمتة الشهادة الثانوية العامة، الذي جاء فجائياً”.
وأردف: “أعلمنا الوزير أنه من غير الممكن تطبيق الأتمتة هكذا فجأةً بل يجب أن تكون تدريجية، ثم ما لبث حتى اتخذ قراراً آخر بمنع الدورة التكميلية للشهادة الثانوية ولكن يا للأسف اتخذه بمنتصف العام الدراسي ثم تراجع عنه.. أليس هذا يدل على عدم دراسة للواقع وتخبط في القرارات.. من يريد أن يستثمر في قطاع تعليمي غير واضح المعالم ؟”.
هل تريد الحكومة أن تطرح القطاع التعليمي للاستثمار ؟
حاولت “كيو بزنس” التواصل مع مسؤولين في جامعة دمشق ووزارة التربية والتعليم، للسؤال عن ما قاله عضو اللجنة التعليم، وعن طبيعة الاستثمار في هذا القطاع، إلا أنه وللأسف لم يتجاوب أحد مع اتصالنا.
ولكي نتحرى الإنصاف.. فسنورد ما تم طرحه في ندوةٍ نظمتها جامعة دمشق بعنوان “الاستثمار في التعليم”.
تابعونا عبر فيسبوك
التعليم العالي
أكد وزير التعليم العالي الدكتور بسام إبراهيم “أهمية الاهتمام بنتائج الأبحاث العلمية في الجامعات وخاصة الأبحاث التطبيقية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي يكون انعكاسها مباشر على مؤسسات الدولة الأخرى والقطاع الخاص”.
وشدد على ضرورة أن “يكون لدى الجامعات مراكز تأهيل وتدريب للاستثمار في التعليم ومواكبة كل ما يتعلق بهذا الموضوع، من خلال تحويل بعض كليات الهندسة والمعاهد التقاني لمراكز إنتاجية تدخل منتجاتها الأسواق”.
بدوره، أكد نائب رئيس جامعة دمشق د. محمد تركو، أن هناك محددات مستقبلية للاستثمار في التعليم العالي منها علمية “تكمن في إحداث اختصاصات علمية جديدة ومعايير الجودة والاعتمادية والتحول الرقمي والذكاء الصنعي، ومجتمعية “هدفها تحقيق التنمية في المجتمع”.
ولفت تركو إلى أن الاستثمار في التعليم العالي يهدف إلى تحقيق موارد ذاتية للجامعة، وتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة، وإيجاد موارد إضافية لأعضاء الهيئة التعليمية ربط الجامعة بالمجتمع إضافة لتحقيق تنمية زراعية صناعية علمية وتطوير المؤسسات الحكومية”.
التربية والتعليم
وزير التربية والتعليم د. محمد مارديني لفت إلى “إمكانية توجيه توجيه طاقات الشباب بعد التعليم الأساسي إلى سوق العمل من خلال التعليم المهني بعد تأهيل الطالب في مدارس ومعاهد التعليم المهني ليكون جاهزاً للدخول إلى سوق العمل الذي يحتاج إلى كوادر ضخمة في مرحلة إعادة الإعمار”.
وفي السياق “أشار معاون وزير التربية الدكتور رامي الضللي، إلى أن أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في وزارة التربية تتجلى في ضعف دخل المعلم وصعوبة النقل لوصول المعلمين، وقدم بعض القوانين والبنية الإدارية التي تحتاج إلى إصلاح وتسرب عدد من الكوادر التعليمية، وخروج أكثر من /8000 / مدرسة عن الخدمة”.
واستعرض الضللي جملةً من الحلول منها: “تحديث القوانين، وإحداث المجلس التربوي ومكتب ممارسة المهنة، والدورات التعليمية، وتوطين التعليم وإجراء مسابقات علمية للمعلمين، وإنشاء مراكز تدريب مهني مجتمعية”.
مصادفة غريبة !
أثناء بحث “كيو بزنس” عن معلومات حول الاستثمار في القطاع التعليمي في سوريا، لفتنا أن موقع رئاسة مجلس الوزراء السوري، نقل محتوى الندوة التي اقتبسنا منها سابقاً دون أن يتطرق للاستثمار بمفهومه الحقيقي، بتصريحات بعضها مجتزئة وبعضها متوافقة مع ما جاء في الندوة ومن الخبر الذي نقله موقع رئاسة مجلس الوزراء نقتبس الآتي:
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور “بسام إبراهيم” أكد أن الاستثمار في التعليم العالي هو استثمار في (الكوادر البشرية) بما يتطابق مع رسالة وأهداف كل جامعة، مع العمل على تطوير المناهج والخطط والتجهيزات لمواكبة التطور العلمي وتقديم كل الخدمات والتشبيك مع كامل مؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص”.
بدوره، وزير التربية الدكتور محمد عامر المارديني لفت إلى أهمية التركيز في الاستثمار بالتعليم المهني الذي يحول الطالب إلى ريادة الأعمال والابتكار لتحسين مخرجات هذا التعليم ودخول سوق العمل، إضافة إلى التشاركية مع المجتمع المحلي وعوائد التعليم الخاص لدعم العملية التربوية وتطويرها وضرورة تحديث القوانين لتحسين الواقع المعيشي للمعلم”.
ولا بد لهذه المصادفة أن تكشف من يريد حقاً أن يساهم في تطوير وإعادة إعمار البلاد، ومن يريد عكس ذلك.. “ونترك للسادة القراء أن يكتشفوا بأنفسهم “.
رابط الندوة التي نقلها موقع جامعة دمشق: https://www.damascusuniversity.edu.sy/index.php?lang=1&set=4&type=1&id=7588
رابط الندوة التي نقلها موقع رئاسة مجلس الوزراء: https://www.pministry.gov.sy/contents/28341/B4%D9%82
شاهد أيضاً: البعث يقرّ بحالات الفساد والاختلاسات داخل الحزب !