التوابيت الـ33.. مذبحة الجنود الأتراك في إدلب
الزمان: 27 شباط 2020، المكان: بلدة “بليون” في ريف إدلب الجنوبي، الحدث: مدير الاتصالات في الرئاسة التركية يقول إن “هجوماً شنيعاً تم على الجنود الأبطال في إدلب الذين كانوا هناك لضمان أمننا القومي”.
تحت جنح ظلام يوم الخميس الواقع في الـ27 من شباط 2020.. كانت قافلة عسكرية تركية مؤلفة من 65 آلية عسكرية، تتحرك على طريق بين بلدتي البراء وبليون في ريف إدلب الجنوبي.
كان في القافلة كتيبة مشاة مؤلفة من 400 جندي.. وفجأة انقضت عليها طائرات تابعة لسلاح الجو السوري وتفرّق الجمع!.
أجبر القصف الجوي الجنود الأتراك على اللجوء إلى المباني المجاورة في بلدة بليون، لكن ذلك لم يكن نهاية الكارثة.. بدأت قذائف الجيش السوري تسقط على المباني التي تحصنوا فيها، وتُرك عدد من الجنود تحت الأنقاض!.
الأنباء الأولية كانت عن سيارات إسعاف تتدفق عبر الحدود بين سوريا وتركيا، تنقل جنود قتلى ومصابين إلى مستشفى في مدينة ريحانلي التركية.
وفي هذه المدينة بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لتوافد عشرات المواطنين الأتراك إلى المستشفى، بالتزامن مع وصول سيارات الإسعاف القادمة من إدلب.
حجبت السلطات التركية مواقع التواصل الاجتماعي لأنها لا تريد أن يتبادل مستخدمو الشبكات الاجتماعية أخبار قتلى الجيش التركي، خشية تأليب الرأي العام ضد الحكومة وأردوغان الذي كان يعيش وضعاً حساساً خلال تلك الفترة.
بعد ساعات بدأ ينقشع غبار ما حدث!
تابعونا عبر فيسبوك
مدير الاتصالات في الرئاسة التركية تحدث عن هجوم وصفه بـ”الشنيع” على الجنود الأتراك في إدلب.
السلطات التركية أعلنت عن مقتل 33 جندياً تركياً في الهجوم الأكثر دموية على القوات التركية منذ بداية تدخلها في الحرب السورية، بينما ذكرت مصادر أخرى قريبة من أنقرة أن عدد القتلى تراوح بين 50 إلى 100 جندي تركي، وأصيب كذلك ما بين 36 و60 جندياً.
أردوغان عقد اجتماعاً أمنياً طارئاً، وقرر الردّ بالمثل.. وطلب الدعم من “الناتو”، على اعتبار أن تركيا دولة عضو في الحلف الأطلسي وتعرضت قواتها للاستهداف من سوريا، لكن “الناتو” لم يستجب!.
موسكو نفت أي دور لها في هذه الغارات، وأعلنت أنها بذلت محاولات لضمان توقف الجيش السوري عن إطلاق النار للسماح بإجلاء القوات التركية.
لكنها قالت إن القوات التركية “كانت تقع بالقرب من المناطق التي توجد فيها جماعات إرهابية» حيث لم يكن عليها التواجد في هذه المنطقة، كما أن تركيا لم تخبرها مسبقاً بوجود الجنود هناك فـ«تعرضت لإطلاق نار من القوات السورية”.
توقيت الهجوم الجوي السوري على الجنود الأتراك كان قبل أيام من المهلة النهائية التي أعطتها تركيا للجيش السوري للانسحاب من المناطق التي سيطر عليها في إدلب خلال الأشهر الأخيرة.. فماذا كان يحدث بالضبط عندما وقعت المذبحة بالجنود الأتراك؟.
الجيش السوري بدأ حملة عسكرية في الشمال السوري أواخر 2019.. وسيطر خلال 4 أشهر على نحو نصف محافظة إدلب ومدنها وبلداتها الرئيسية مثل معرة النعمان وخان شيخون وسراقب، ووصل إلى مشارف مدينة إدلب، بالإضافة إلى تأمين محيط مدينة حلب والسيطرة على طريق حلب – دمشق الدولي (m5).. حيث حقق سيطرة غير مسبوقة بلغت حوالي 2254 كم مربّع.
أهم ما جرى في حملة الجيش السوري أيضاً أنه تجاوز نقاط عسكرية تركية في حماه وإدلب خلال تقدمه وصارت محاصرة، كما قُتل نحو 19 جندياً تركياً خلال الحملة العسكرية السورية.
قبل كارثة “بليون” كان أردوغان قد أعطى مهلة للجيش السوري حتى نهاية شباط للانسحاب إلى ما وراء النقاط التركية، أو ما عرف بخطوط “اتفاق سوتشي 2018”.
توعّد أردوغان حينها القوات السورية بأن “يتكفّل الجيش التركي بإجبارها على الانسحاب”، وردّ الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة له أواسط شباط بأن العمليات العسكرية في ريفي حلب وإدلب مستمرة رغم “الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال”.
وصل التوتر أواخر شباط إلى نقطة الغليان مع الغارة الجوية السورية على الجنود الأتراك في “بليون” وقتلِ جنودٍ إضافيين بضربة واحدة!؟
أطلقت تركيا عملية أسمتها “درع الربيع” انتقاماً لجنودها ولإجبار الجيش السوري على الانسحاب من ريف إدلب، واستهدفت طائراتها المسيرة ومدفعيتها الجيش السوري في منطقة العمليات.. لكن العملية فشلت في تحقيق أهدافها.
حافظ الجيش السوري على مكاسبه الميدانية.. وانتهى الأمر بتوقيع الطرفين الروسي والتركي اتفاقاً يقضي بوقف إطلاق النار.. وانسحاب القوات التركية من نقاطها العسكرية التي تجاوزتها القوات السورية وحاصرتها خلال الحملة!.
شاهد أيضاً: فضيحة بانتظار “أردوغان”.. ساعة تعيد الأوضاع إلى ما قبل 2013 ؟!