قرارات حكومية دون آلية للتنفيذ.. منها بيع «المازوت الحر»
كيف كانت عملية توزيع «المازوت الحرّ».. ؟!
الشتاء في حياة السوريين فصل للركون في المنزل إلى الدفء المنبعث من مدفأة المازوت والثرثرة حول النار، تجمع العائلة كلها حول المدفأة وأبريق الشاي, تتسلى بالحكايات والذكريات, وتأكل الفول والحمص المسلوق, وأحياناً حبات الكستنا والبطاطا الحلوة المشوية (وقت الرخص )!
الصورة الجميلة التي يحرص الكثيرون على رسمها لمدفأة المازوت أو الحطب.. هي صورة عابرة وربما واهمة فمشاكل تأمين المحروقات كفيلة بإفساد هذا الجو الحميمي، رغم محاولة الحكومة تأمين مادة المازوت للمواطنين من خلال إصدار قرار بيع 50 ليتر بسعر التكلفة 1700 ليرة سورية.
ولكن بحكم إصدار قرار من دون آلية للتنفيذ “وهي حالة اعتدنا عليها كسوريين” كانت النتيجة فوضى كبيرة حيث باتت المحطات، تشهد 3 خطوط، خط للسوق السوداء، وخط المعارف وأصحاب الواسطات، وخط طوابير الناس العاديين.
قرار طرح هذه المواد للبيع بأسعار تغطّي تكاليفها، تؤكّد أن الدولة غير قادرة على تأمين الكمّيات التي تلبّي احتياجات المواطنين والمؤسسات الإنتاجية معاً بأسعار مدعومة»، فالهدف الرئيسي هو “تقليل فاتورة الدعم إلى الحدود الممكنة والتوسع بالسوق السوداء بشكل أكبر”؟
ومن المتعارف عليه في سوريا فإن السوق السوداء تديرها شبكات منظّمة، كذلك، قد تكون تابعة لشركات ضخمة، وفق روايات عديدة.
كما أن أصحاب المحطات، ليسوا جميعهم أبرياء من السوق السوداء، بل هم منغمسون في لعبة تحقيق الأرباح فهي فرصة ذهبية للاستحصال على بعض المال بالتعامل مع زبون أو سمسار.
والمثال على ذلك حصول أصحاب المولّدات على المازوت لا يمكن أن يكون بالـ”غالونات”، إنّما يتنقل صاحب صهريج بآليّته غير الممهورة بشعار شركة، ويوزّع المادّة بأسعار مضاعفة، وتردّد أنّ بعض أصحاب المحطّات وُضع أمام خيارين: إمّا دفع مبالغ إضافيّة مقابل مدّه بالوقود، أو عدم الحصول على المحروقات، كما يقول صاحب إحدى المحطات، وبالتالي “تجد محطات أنفسها مضطرة للبيع من خارج العداد”، وفق تعبيره.
وبحسب وزارة المالية فإن الدولة تدفع أموالاً طائلة من ميزانيتها لدعم احتياجات أساسية للمواطنين؛ إذ بحسب ميزانية عام 2021، تم دعم المشتقّات النفطية بحوالي 2700 مليار ل.س، أي ما يعادل أكثر من مليار دولار، بينما تقدَّر فاتورة مجمل الدعم عام 2022، بحوالي 5529 مليار ل.س، أي قرابة 42% من الموازنة العامّة للدولة.
تشهد البلاد أزمة وقود منذ عام 2011، وتقدر خسارات قطاع النفط خلال 11 عاما من الأزمة بـ 20مليار دولار، ويرجع السبب في ذلك إلى فقدان الحكومة سيطرتهاُ على العديد من الحقول الكبرى إضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه أمريكياً وأوروبياً.