تركيا و إيران.. لا للصدام في سوريا
وسّعت صراعات «الربيع العربي» سطوة الخطاب الديني (الطائفي) على حساب الخطاب القومي العروبي، حتى صار تدخّل دول إسلامية غير عربية في شؤون الدول العربية أمراً مقبولاً في الشارع العربي المسلم.. ومن هذا الباب دخلت تركيا وإيران إلى المنطقة العربية!
ثلاثة قرون من الحروب العثمانية – الفارسية
عام 1514 اندلعت أول حرب بين بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية لتتبعها سلسلة حروب بين الطرفين استمرت ثلاثة قرون، انتهت إلى التعادل في الانتصارات والهزائم، ففاز كل منهما بخمسة حروب وخسرا مثلها، كما انتهت حربان بلا غالب ولا مغلوب.
وكان من نتائج الحرب الأخيرة عام 1823 «معاهدة سلام» رسمت خطاً أحمر يقول: «لا للصدام المباشر».. ومنذ ذلك الحين لم تتجاوز الدولتان هذا الخط.
ومع ولادة الدولة التركية الحديثة على أنقاض العثمانية وقعت تركيا أتاتورك وإيران الشاه «معاهدة صداقة» عام 1926، وطّدت فكرة «عدم المواجهة المباشرة».
تابعونا عبر فيسبوك
سوريا بعيون الصديقين اللدودين!
ترى إيران في سوريا معبراً استراتيجياً عسكرياً لمواجهة «إسرائيل»، وآخر اقتصادياً للوصول إلى شواطئ المتوسط، بينما ترى تركيا فيها بوابة إلى العالم العربي سياسياً واقتصادياً.
تدخّلت إيران إلى جانب الحكومة السورية في أحداث 2011، بينما وقفت تركيا في صف المعارضة، فأصبحا طرفين محوريين في المعادلة السورية، حتى بات معلوماً أن خسارة أي طرف سوري في الحرب هو خسارة للطرف الخارجي الذي يدعمه.
لكن ورغم الاستقطاب الحاد والهزات العنيفة في الحرب السورية، والتدخل العسكري التركي المباشر، لم يحدث صدام!
لماذا لم تنفجر العلاقة بين أنقرة وطهران؟
يعتبر العامل الاقتصادي المحدد الأهم في حفاظ تركيا وإيران على علاقتهما رغم أجواء التنافس
تعد إيران المورّد الرئيسي للنفط والغاز إلى تركيا، بينما تمثّل تركيا نافذة إيران الاقتصادية ورئتها المالية في ذروة العقوبات الأمريكية، وتخفّف من عزلتها الإقليمية.
أيضاً الإيرانيون اليوم ثاني أكبر مشترٍ للعقارات في تركيا، ويحتلون المرتبة الأولى في تأسيس الشركات فيها، كما أن تركيا وجهةً مفضّلة للسياح الإيرانيين، وقد فاق عدد هؤلاء في تركيا عام 2019 عدد زوار العتبات المقدسة في النجف وكربلاء.
سياسياً، يجتمع الطرفان على موقف واحد من الأكراد في المنطقة، ومنعهم من إقامتهم دولة خاصة بهم، كما يجتمعان على معارضة الدور الأمريكي في سوريا، وأيضاً يجمع الطرفين الخصومة شبه الدائمة مع كل من السعودية ومصر والإمارات
ولأنهما دولتان متعادلتان بالقوة، فإن أية مواجهة مباشرة بينهما مكلفة جداً، ومسألة «الحسم» صعبة إن لم تكن مستحيلة.
وفي سوريا تخضع طموحات تركيا وإيران للعامل الروسي، الذي رسم لكل منهما حدود قوته في الحرب الدائرة منذ 10 سنوات.
شاهد التقرير بطريقة الفيديو: تركيا و إيران.. لا للصدام في سوريا