«اتفاقية أضنة».. هل يكون ختامها مسك؟!
عام 1998 كانت سوريا وتركيا على شفا الحرب.. الجيش التركي تقدم باتجاه الحدود، وهدد باجتياح سوريا.. أنقرة اتهمت حينها دمشق بدعم الأكراد في صراعهم المسلح مع تركيا.
تدخلت وساطات إقليمية من مصر وإيران، وكان النتيجة اتفاقية أمنية بين سوريا وتركيا في ولاية أضنة التركية، نقلت الحالة بين الطرفين من ذروة التوتر إلى ذروة التقارب.
وبعد أحداث 2011.. جعلت تركيا من الاتفاقية «مطيّة» للتوغل في الأراضي السورية .
«الجيش التركي في سوريا ليس بدعوة من الحكومة السورية، بل استنادًا إلى اتفاقية أضنة».. هذا بالضبط ما يردده أردوغان كلّما تحدث عن نيته إنشاء منطقة آمنة بعمق 35 كيلو متراً شمال سوريا.
فهل تسمح «اتفاقية أضنة» بدخول الجيش التركي الأراضي السورية؟
الاتفاقية تعتبر سرّية، ولم تكشف دمشق أو أنقرة بشكل رسمي عن مضمونها، لكن وفق تسريبات إعلامية تعهّدت سوريا ضمن الاتفاقية و«على أساس مبدأ المعاملة بالمثل» بـ«عدم السماح بأي نشاط ينطلق من أراضيها يضرّ بأمن واستقرار تركيا».
باختصار: تتعهد سوريا بـ«حظر أنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها»، وإذا أخفقت في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في الاتفاقية يحق لتركيا اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية «حتى عمق 5 كم».
تابعونا عبر فيسبوك
ماذا حدث بعد ذلك؟
اندلعت احتجاجات في سوريا ربيع 2011، سرعان ما تحولت إلى حرب مسلحة متعددة الأطراف، وخرجت معظم مناطق الشمال السوري عن سيطرة الحكومة.
هناك في الشمال شكّل الأكراد تنظيماً مسلحاً أطلق عليه «وحدات حماية الشعب»، وحمل لاحقاً اسم «قسد».. هذا التنظيم اعتبرته أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي ترى فيه تركيا تنظيماً إرهابياً تهديداً لأمنها، وتقول إنه وفقاً لـ«اتفاقية أضنة» يحق لها ملاحقة الحزب الكردستاني داخل الأراضي السورية.. لكن الاتفاقية تسمح لتركيا بالتوغل بعمق 5 كيلو مترات فقط، وليس 35 كيلو متراً!
النقطة المهمة في الاتفاقية أن بنودها تتضمن تعهداً سورياً «على أساس مبدأ المعاملة بالمثل»، أي عدم قيام تركيا بأنشطة تهدد أمن سوريا.. لكن دمشق ترى أن أنقرة انتهكت هذا المبدأ في الاتفاقية
وزارة الخارجية السورية أعلنت في كانون الثاني 2019 أنها مازالت ملتزمة بالاتفاقية لكن تركيا خرقتها «عبر دعم الإرهاب وتمويله وتسهيل مروره إلى سوريا».. وقالت إن أي تفعيل لهذه الاتفاقية يتم عبر «إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت».
تطوّر مفاجئ.. وسيناريو مفترض
صحيفة «الشرق الأوسط» كشفت مؤخراً عن عدة نقاط طرحها بوتين على أردوغان في «قمة طهران» تتعلق بالتعاون بين سوريا وتركيا في مواجهة «قسد».
أهم اقتراحات بوتين كان وضع «اتفاقية أضنة» على طاولة التفاوض، والعمل على توقيع اتفاقية «أضنة 2»، فهل يمكن إنهاء الخلاف بين دمشق وأنقرة بإحياء «اتفاقية أضنة»؟
تنظيم «قسد» عدو مشترك لدمشق وأنقرة.. الحكومة السورية تعتبره قوة انفصالية، والحكومة التركية تعتبره منظمة إرهابية وامتداداً لحزب العمال الكردستاني.
قبل أسبوعين صرّح وزير الخارجية التركية أن بلاده على استعداد كامل لدعم الحكومة السورية في مواجهة «قسد».. لاحقاً وعقب لقاء بوتين وأردوغان في «سوتشي» قال الرئيس التركي إن الرئيس الروسي أشار إليه إلى إيجاد حل بالاشتراك مع حكومة دمشق، واصفاً إياه بالحل «الأكثر منطقية».
صحيفة «تركيا» المقربة من الحزب الحاكم تقول إن السلطات التركية والسورية، وصلتا إلى مرحلة تشكيل «لجنة من الخبراء المثقفين» من الطرفين، وبهذا ينتقل التفاوض بين البلدين إلى مستوى جديد.
السيناريو المفترض هو توسيع «اتفاقية أضنة» بحيث يتم النص على أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» والوحدات الكردية هي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني.. وتتعهد الحكومة السورية بإنهاء وجوده.
في المقابل تتعهد تركيا بالتخلي عن فكرة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، ويوضع جدولٌ زمني لسحب القوات التركية من سوريا.
فهل يكون الحل بـ«اتفاق أضنة» جديد؟
تقرير: وسام ابراهيم
شاهد أيضاً: لهذا السبب أردوغان بحاجة الأسد أكثر من أي وقت مضى.. ؟!