ماذا لو استُثمِرَ المال السياسي لدعم الاقتصاد اللبناني؟
أزمة مالية حادة في مصارفه.. وملايين الدولارات في خزائن قاداته
أحزاب تنادي برفض التبعية السياسية.. وتنهال عليها الأموال الخارجية
وسائل إعلام تنادي بالاستقلال الوطني.. وتوجه الرأي العام وفق المال السياسي
وشعب يطلق العنان للشتائم ضد مسؤوليه.. ويهرع للمشاركة في “العرس الانتخابي”
من 40 دولاراً ضمن دوائر بلدات عكار في الشمال، إلى 400 دولار داخل الدوائر «التنافسية» في العاصمة بيروت
بهذه الأرقام كان يٌباع الصوت الانتخابي خلال الانتخابات البرلمانية اللبنانية الأخيرة
المال السياسي لعب دوراً مفصلياً في انتخابات 2022
“سعر الصوت” الواحد يرتفع كلما اشتدت المنافسة
سيما وأن عملية شراء الأصوات باتت من الممارسات التقليدية خلال الانتخابات النيابية في لبنان
المال السياسي يتحكم بوسائل الإعلام
مبالغ «خيالية» تدفقت على لبنان خلال يوم الانتخابات
«المال السياسي» لم يقف عند حدود شراء أصوات الناخبين
بل وصل إلى وسائل الإعلام والحملات الترويجية خلال اليوم الانتخابي
المؤسسات الإعلاميّة غرقت بدولارات المرشحين المتمولين
بعد أن تحوّلت كل ساعة هواء إلى مصدر للدولار الانتخابي الطازج
حيث تراوحت تسعيرة المقابلة على الهواء بين 20 ألف دولار و60 ألف دولار حسب التوقيت والمحطة ومدة المقابلة.
بعض المحطات ذهبت إلى تقديم ما يُعرف بالـPackage Deal على المرشحين
أي رزمة متكاملة تشمل تغطية المؤتمرات الصحافية والمناسبات والاحتفالات
مع مقابلات وتغطيات إخباريّة مقابل بدل ثابت قد يتجاوز 150 ألف دولار
إضافة إلى المبالغ الضخمة التي دفعت للمندوبين من أجل جذب الناخبين
فتعويض المندوب الواحد تراوح بين 3 إلى 10 آلاف دولار حسب المركز الانتخابي وقوته
الشحن الطائفي في الانتخابات
القانون اللبناني يحدد سقف المبلغ الأقصى الذي يحق لكل مرشح إنفاقه في الانتخابات
من خلال قسم ثابت مقطوع قدره 750 مليون ليرة (30 ألف دولار)
ويُضاف إليه قسم متحرك وقدره خمسون ألف ليرة لبنانية (دولارين فقط) عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في الدائرة
لكن الأموال التي وصلت إلى مختلف الأحزاب اللبنانية من أقصى الشمال إلى الجنوب تجاوزت الحد المسموح بأضعاف عديدة
فعلى الرغم من الانتقادات الشعبية والاتهامات الحزبية المتبادلة إلا أن الانتخابات تشهد في كل مرة زخماً جماهيرياً كبيراً
الأحزاب السياسية تلعب دائماً على الوتر الديني والطائفي لشحن الجماهير التي تزحف إلى صناديق الاقتراع كأنها مسألة حياة أو موت
المال السياسي لتنمية الاقتصاد اللبناني
لبنان يمرّ منذ سنوات بأزمة اقتصادية خانقة عطّلت البلد بأكمله وجمدت مؤسساته وأفقدته مقومات المواجهة
الليرة اللبنانية فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها حيث وصل الدولار إلى أكثر من 30 ألف ليرة
إنتاج الكهرباء توقف نتيجة عدم امتلاك النقد الأجنبي لاستيراد المحروقات
ليأتي السؤال الأهم
ماذا لو تم ضخ المال الانتخابي في الاقتصاد اللبناني؟
مئات الملايين من الدولارات التي تهطل على الأحزاب خلال السباق الانتخابي لو تم ضخّها في الاقتصاد اللبناني لأحدثت ثورة كُبرى
تلك الأموال كانت كافية لتمويل مشروع الغاز من مصر
وحتى مشروع الكهرباء من الأردن
وشراء الفيول اللازم لمحطات التوليد من العراق
لكن الدول المُموِلة للأحزاب تريد إبقاء لبنان ساحة للاستثمار السياسي فيما بينها، بينما رؤساء الأحزاب اللبنانية لا يتعدون كونهم عملاء لتلك الدول ينفذون ما يُملى عليهم فقط
فما الذي يدفع الشعب اللبناني لأن يكون ورقة للاستثمار السياسي بين الأحزاب المختلفة؟