القلق الأمريكي يتزايد.. قوة الصين الاقتصادية تتعاظم!
بذلت الإدارة الأمريكية في الأشهر الأخيرة جهوداً عدة لإقناع دول آسيوية بتقليل الاعتماد على الصين، وسط منافسة اقتصادية وتجارية شديدة بين البلدين، ولكن هذه المساعي لم تنعكس على أرض الواقع، إذ أن العلاقات التجارية بين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وبقية آسيا، مستمرة في النمو والازدهار، وبمعدلات أكبر.
ووفق تقارير صحفية، فإن وراء هذا الاتجاه عوامل عدة، من بينها هيمنة الصين كمورد للسلع معقولة الأسعار، والتي تحتاجها البلدان سريعة النمو، كالسيارات والآلات.
لكن تنامي التجارة بين الصين وجيرانها الآسيويين، تعكس أيضاً درجات الخلاف المتفاقم بين أكبر اقتصادين في العالم، الأمريكي والصيني، والذي بدأ بصراع على التجارة، ليتسع بعد ذلك ويشمل التكنولوجيا والأمن القومي والسياسة الخارجية.
وبعد أكثر من عامين من تجنب التنقلات الخارجية بسبب كـ.ورونا، اختار الرئيس الصيني شي جين بينج في أيلول الماضي كازاخستان لتكون وجهته الخارجية الأولى، وتلتها زيارات إلى منطقة أسيا الوسطى، حيث تتنافس أمريكا والصين على تعزيز العلاقات مع دولها.
تابعونا عبر فيسبوك
وتسببت المعركة التجارية بين بكين وواشنطن، التي اندلعت في عام 2018، وما تبعها من اضطرابات مرتبطة بتفشي فيـ.روس كـ.ورونا، في إعادة ترتيب سلاسل التوريد العالمية.
وسعى المصنعون في الصين إلى تحويل بعض خطوط إنتاجهم إلى الدول الآسيوية المجاورة، إما لتفادي الرسوم الجمركية، أو لحماية أنفسهم عن مخاطر الاضطرابات المستقبلية، مع تدهور العلاقات بين أمريكا والصين، وأدى هذا الاتجاه إلى تعزيز التجارة بين الصين وأجزاء أخرى من آسيا، كما تظهر البيانات الرسمية.
وتملك الصين منافذ أكبر للاقتصادات الآسيوية، خصوصاً ما تعلق بالطبيعة المعقدة لعمليات التصنيع، والتي تتطلب كميات كبيرة من المكونات ومراحل عدة في التجميع، تصب معظمها لصالح الصين.
وتجد الولايات المتحدة صعوبة في دفع آسيا بعيداً عن الصين، من دون إقرار مزيد من الخطوات الملموسة لتعزيز التجارة بين هذه الدول، وسوقها المحلي الضخم. ويقول الاقتصاديون إن ذلك يستوجب أيضاً توقيع اتفاقيات أو اتخاذ خطوات جديدة، تسمح للاقتصادات الآسيوية بالوصول إلى المستهلكين الأميركيين.
وارتفع حجم إجمالي التجارة الصينية الصادرات والواردات مع 10 دول في جنوب شرقي آسيا، بما في ذلك إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وفيتنام، بنسبة 71% منذ تموز 2018، عندما بدأت واشنطن فرض التعريفات الجمركية على سلع صينية، لتبلغ 979 مليار دولار خلال 12 شهراً من تشرين الثاني 2021 إلى ذات الشهر من عام 2022، وفق بيانات الجمارك الصينية.
ونمت التجارة بين الصين والهند بنسبة 49% خلال الفترة نفسها أيضاً، كما ارتفعت مع الولايات المتحدة نفسها بنسبة 23%، ومع أوروبا بنسبة 29%، ما يبرز التفوق التجاري للصين.
وتأثرت التجارة الأمريكية مع الصين بسبب التعريفات الجمركية، إذ انخفضت مشتريات الصين من أمريكا منذ عام 2018، على الرغم من عودة التجارة بين البلدين إلى النمو خلال فترة وبـ.اء كـ.ورونا، مع لجوء المستهلكين لشراء الإلكترونيات والأدوات المنزلية، وجزء من تفسير النمو الهائل في تجارة الصين مع أجزاء أخرى من آسيا هو جاذبية الاقتصاد الصيني، بحسب ما ببره خبراء اقتصاديون.
وتعد الصين أكبر اقتصاد في آسيا، مما يجعلها شريكاً تجارياً طبيعياً لمعظم جيرانها سريعي النمو، تماماً كما تعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لكندا والمكسيك.
ووفق التقارير، فإن أحد الأسباب الذي يعزز تجارة الصين مع جيرانها الآسيويين، هي «سلة صادرات» مليئة بهواتف ذكية رخيصة الأسعار، وسيارات ومعدات مصانع بأثمان مغرية، والتي تباع بشكل جيد في الاقتصادات سريعة النمو، وأيضاً بشكل أكبر في الاقتصادات الصغيرة.
ورداً على التعريفات الجمركية الأمريكية، خفّضت الصين تعريفاتها على الواردات من بقية العالم، مما جعل المنتجات الآسيوية أرخص لشركاتها ومستهلكيها.
كما وقعت الصين في عام 2020 على اتفاق «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة»، وهي اتفاقية تجارة حرة، خفضت بموجبها التعريفات التجارية مع 15 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ومع ذلك، استفادت الاقتصادات الآسيوية أيضاً من التوترات بين الصين والولايات المتحدة، وغالباً ما شهدت مكاسب كبيرة في التجارة مع كلا الخصمين.
ورفعت العديد من الدول الآسيوية حجم تجارتها مع الولايات المتحدة، بحثاً عن بدائل اقتصادية معفاة من الرسوم الجمركية للمنتجات المصنوعة في الصين، فيما أقام مصدرون في الصين معارض في بلدان آخر للالتفاف على القيود التجارية الأمريكية.
ودفعت التوترات المتزايدة بين الصين وأمريكا، إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، وذلك بسبب الحرب التجارية بين البلدين، وأزمة تايوان، والأمن القومي، ووبـ.اء كـ.ورونا، الذي عرّض الشركات التي كانت تعتمد بشكل مفرط على الصين، لخطر الاضطراب الشديد بسبب سياسة “صفر كـ.وفيد” والإغلاق الصارم.
وبينما استفادت دول آسيوية من هذه الاستثمارات الجديدة، لا تزال مصانعها تتطلب أجزاءً مصنوعة في الصين، ويقول الاقتصاديون: إن «هذا يساهم أيضاً في تعميق روابط الصين مع الدول الآسيوية الأخرى».
شاهد أيضاً : 2023.. إلى أين تتجه أسعار الغذاء في العالم؟!