بريطانيا تتآكل بفعل الضرائب والمواطن يعاني!
تمر المملكة المتحدة بوضع اقتصادي هو الأصعب منذ عقود طويلة، هذا التوصيف بات محل إجماع بين الحكومة والمعارضة والخبراء الاقتصاديين والمواطن البريطاني، الذي يشعر بثقل هذه الأزمة على وضعه المعيشي.
كما أن حكومة ريشي سوناك، اختارت نهج سياسة تقليص الإنفاق الحكومي والرفع من المداخيل الضريبية، رغم أنها كان يعوّل عليها لإيجاد حلول اقتصادية تخرج البلاد من هذه الأزمة، لتكون سياسة تقليدية للتحكم في عجز الميزانية ومواجهة التضخم.
وقد واجهت هذه السياسة كثيراً من الانتقادات، آخرها ما صدر عن «مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية»، الذي يعد من أهم مراكز الأبحاث الاقتصادية في البلاد وأكبرها، إذ تتوقع المؤسسة البحثية أن خطة سوناك سيكون لها تأثير سلبي على نمو الاقتصاد البريطاني، كما أنها ستزيد الضغط على الطبقة المتوسطة البريطانية عن طريق إثقالها بالمزيد من الضرائب.
وتقوم خطة الحكومة البريطانية، على تقليص الإنفاق الحكومي بنحو 30 مليار جنيه إسترليني، والزيادة في المداخيل الضريبية بأكثر من 24 مليار جنيه إسترليني ابتداءّ من سنة 2025، واختيار هذه السنة ليس عبثاً، بل له دوافع سياسية، ذلك أنها سنة الانتخابات العامة، مما يعني أن الحكومة المقبلة التي على الأغلب ستكون حكومة من حزب العمال ستكون أمام مأزق حقيقي.
تابعونا عبر فيسبوك
وتوقع مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية، أن يتعرض الاقتصاد البريطاني للانكماش على الصعيد العالمي، وبعدما كان المركز نفسه يتوقع أن يتجاوز الاقتصاد البريطاني نظيره الألماني سنة 2050، ليصبح الأكبر في أوروبا، قبل أن يتراجع عن هذا التوقع، ليخلص إلى أن سياسة رفع الضرائب ورفع أسعار الفائدة ستكون تبعاتها سلبية على نمو الاقتصاد البريطاني خلال العقود المقبلة.
وستدفع الأسر البريطانية الثمن غالياً جراء هذه السياسة، حيث توقعت دراسة لمكتبة مجلس العموم البريطاني أن هذه السياسة ستؤثر على دخل كل الأسر البريطانية، فمثلاً الأسرة التي تجني 60 ألف جنيه إسترليني سنوياً، سوف يتراجع مدخولها خلال 10 سنوات ليصل إلى نحو 40 ألف جنيه إسترليني، وفي المتوسط سوف يتأثر مدخول كل أسرة بريطانية بنحو 8 آلاف جنيه إسترليني خلال العقد المقبل.
بلغة متشائمة، يتحدث دوغلاس ماك ويليامس البروفيسور والمدير التنفيذي لمركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية، إذ يتوقع الخبير الاقتصادي أن تتحمل الأسر البريطانية تبعات السياسة الاقتصادية لخطة سوناك.
وقال البروفيسور البريطاني: إنه لم يعد أمام الأسر البريطانية من خيار سوى دفع ضرائب جديدة، وهو ما يعني ضربة موجعة لجودة حياة البريطانيين، مؤكداً أن الميزانية التي تم إعلانها خريف 2022 «تشبه خدعة ناعمة، يقول أصحابها إن الهدف منها هو تحقيق النمو، لكن من الوارد جدا أن نتائجها سوف تكون عكسية».
وحذر البروفيسور دوغلاس من أن الشغل الشاغل لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، هو إعادة الاستقرار للأسواق المالية بعد الفوضى التي أحدثتها الميزانية المصغرة التي أعلنت عنها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، مضيفاً أنه يجب الانتباه إلى أن مستوى الاقتراض العمومي الذي ما زال عالياً، ويضع الاقتصاد البريطاني في موقف ضعف أمام أي هزة مالية جديدة.
هذه المرة سينقلب السيناريو عند بلوغ سنة 2025 التي ستشهد وصول حكومة جديدة، إذ تقول كل التوقعات إنها ستكون من حزب العمال، الذين سيجدون أمامهم خطة اقتصادية تقيد أيديهم، ذلك أن خطة سوناك المالية لتقليص الإنفاق الحكومي لن تبدأ إلا في سنة 2025.
وسيكون على الحكومة العمالية التعامل مع أصعب أزمة اقتصادية تمر بها بريطانيا، وحتى الآن لا يطرح حزب العمال أي خطة واضحة الملامح للخروج من هذه الأزمة، باستثناء الحديث عن فرض ضرائب أكبر على الشركات الكبرى وعلى الأغنياء، إلا أن الكثير من الخبراء الاقتصاديين يحذرون من تبعات هذه السياسية، التي اتبعتها بعض الدول الإسكندنافية، فكانت نتيجتها خروج الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين بحثاً عن دول أخرى للاستثمار.
شاهد أيضاً : افتتاح أول متجر قانوني للماريـ ـغوانا في نيويورك