هل موعد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أصبح أقرب من ذي قبل؟!
لم يكن الفلسطينيون بحاجة إلى تشكيل “الحكومة الإسرائيلية” المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، حتى يكونوا على قناعة أنهم أقرب من أي وقت مضى إلى اندلاع انتفاضة شعبية عارمة، لا سيما في ظل البرنامج السياسي لهذه الحكومة التي تضع نصب عينيها خوض سباق مع الزمن لفرض مزيد من الوقائع على الأرض أمام الفلسطينيين، في محاولة لتعويض ما يعتبره “اليمين الإسرائيلي” تفريطاً من الحكومتين السابقتين برئاسة يائير لابيد ونفتالي بينيت.
ولعله يوجد كثير من التوجهات التي تحمل مثل هذا التوقع المتشائم، لا سيما بالنظر إلى شخوص الحكومة الجديدة، بالأخص رئيسها الذي ابتدع فكرة “إدارة” الصراع مع الفلسطينيين بدل اللجوء إلى “حلّه” جذرياً، منذ استلامه رئاسة الحكومة للمرة الأولى عام 1996.
واللافت أن نتنياهو ذو السجل الدامي مع الفلسطينيين قد يبدو شخصية أقل يمينية من شركائه الفاشيين الجدد، لا سيما إيتمار بن غفير زعيم العصبة اليهودية الذي شكل فوزه في الانتخابات مفاجأة من العيار الثقيل، فهو لا يخفي أفكاره المتطرفة، ولا يخجل من دعواته العنصرية ضد الفلسطينيين، وقد بدأ خطواته نحو تطبيق هذه المخططات من خلال حصوله على حقيبة الأمن القومي، التي يريد من خلالها الإسراع بتحويل المسجد الأقصى إلى الهيكل المزعوم، وفرض أحكام الإعدام على منفذي العمليات في الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن اعتبار فلسطينيي 48 تهديداً وجودياً لـ”إسرائيل”، وضرورة التعامل معهم على أنهم “طابور خامس”.
تابعونا عبر فيسبوك
ليس ذلك فحسب، فإن شريكهما الثالث بيتسلئيل سموتريتش زعيم الصهيونية الدينية الذي حظي بحقيبة وزير في وزارة الحرب بموجبها، فهو يسعى لاستكمال سيطرة “إسرائيل” على ما تبقى من الضفة الغربية، وإزالة أي معالم للوجود الفلسطيني، وصولاً إلى فرض أحكام دينية على الجنود، من خلال السعي إلى الحصول على صلاحية تعيين حاخام الجيش من قبل الحاخامات، وليس هيئة أركان الجيش، وتشجيعهم على اتباع نهج الحاخامات في التعامل مع الفلسطينيين.
إن لم يكن هذا الاستعراض كافياً لإبداء قلق فلسطيني حقيقي من القادم، فإن لدينا وزير الحرب الجديد الجنرال يوآف غالانت، وهو قائد المنطقة الجنوبية الأسبق في “الجيش الإسرائيلي”، الذي لديه مواقف عدوانية ضد الفلسطينيين، ولسان حاله تجاههم “ما لا يأتي بالقوة، يأتي بمزيد من القوة”، أي أننا نتوقع مزيداً من المواجهات الدامـ.ية، مع العلم أنه يستلم مهامه بالتزامن مع استلام قائد الجيش الجديد هآرتسي هاليفي بعد أيام، وقد جرت العادة أن يفتتح كل جنرال عهده في قيادة الجيش بعـ.دوان يستعرض فيه قدراته العسكرية، على حساب دمـ.اء الفلسطينيين.
أمام هذا السرد التحليلي للمواقف المتوقعة من الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة من الممكن أن نرصد عدداً من المواقف الصادرة عن عواصم المنطقة والعالم التي حذرت في مجموعها من سيناريوهات دامـ.ية في الأراضي الفلسطينية، بخاصة في ضوء المواقف الصادرة عن وزرائها، لا سيما باتجاه إحداث تغيير جوهري فيما يسمى “الوضع الراهن” في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، الأمر الذي قد يفجر مواجهة كفيلة بإشعال المنطقة كلها، في حين أن العالم ليس متفرغاً في هذه الآونة سوى للحرب الأوكرانية.
أكثر من ذلك فإن المخطط “اليميني الإسرائيلي” الجديد يتعلق بإلغاء مسألة التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، وصولاً إلى تهويده بالكامل، الأمر الذي يحمل في طيّاته إشعالاً للوضع الميداني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صحيح أن الشق الأكثر يمينية في الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة ينوي استعجال الأحداث الزمنية، حتى لو كان الثمن اشتعال المنطقة بأسرها، لكن رئيسها نتنياهو الذي لديه حسابات تبدأ ولا تنتهي، داخلية وخارجية، سيلجأ بالضرورة إلى كبح جماح شركائه الفاشيين، بحيث سيمنحهم بعض مطالبهم، ويمنع عنهم تطلعات أخرى.
فهو يعلم أكثر من غيره أن المجتمع الدولي يضع حكومته تحت المجهر، ويرصد حركاتها وسكناتها، وباعتباره وزير الخارجية الفعلي، فإنه سيكون على موعد يومي مع صدور مزيد من الإدانات الدولية والإقليمية، التي تضع عليه أعباء دبلوماسية، وتحول دون تنفيذ مخططاته العدوانـ.ية في ساحات أخرى من المنطقة، أولها الأراضي الفلسطينية وليس آخرها إيران، وبينهما سوريا ولبنان وأوكرانيا.
الفلسطينيون من جهتهم قد يستعدون لمواجهة هذه الحكومة على صعيد التحذير من اندلاع انتفاضة شعبية، لكن الخطورة تكمن في أن الاحـ.تلال يحكم قبضته على الأراضي الفلسطينية المحـ.تلة، ويستبيح الضفة الغربية على مدار الساعة قـ.تلاً واعتقالاً واقتحاماً بصورة يومية، ويواصل الفلسطينيون يوماً بعد يوم تشييع شهـ.دائهم، رغم أن عمليات المقـ.اومة تتواصل بين حين وآخر، لكنها تواجه بحالة من الملاحقة والاستئصال فيما تسميها “إسرائيل” سياسة “جز العشب”.
شاهد أيضاً : مسؤول كردي: المعارضة السورية في موقف صعب !