هل باتت “السوق السوداء” المتحكم بالجنيه المصري؟!
أبدت الحكومة المصرية استعدادها للقضاء على “السوق السوداء” للعملة الأجنبية، بعد عام من شيوعها من جديد في السوق المصرية، بعد فترة من الحرب الأوكرانية، والتي أسهمت في نقص الدولار وزيادة فاتورة استيراد السلع الأساسية، إضافة إلى الالتزامات الخارجية وعجز الميزان التجاري.
واستحوذت السوق الموازية على تعاملات المصريين منذ آذار الماضي، بعد أن تخلى البنك المركزي عن سياسة “التعويم المدار”، ودعم الجنيه من خلال توفير الدولار للبنوك والمستوردين بسعر 15.7 جنيه، ما أدى إلى حدوث اختلال في حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية.
وهوى الجنيه 15% أمام الدولار، وفشلت كل جهود الحكومة في جذب الدولارات إلى القنوات المصرفية بالسعر الرسمي المعلن البالغ 18.40 جنيه، وانتعشت السوق الموازية مع زيادة الطلب على الدولار وشح المعروض وتفاقم العجز التجاري، وانخراط الحكومة المصرية في مفاوضات شاقة مع صندوق النقد، لتوفير حزمة إنقاذ رابعة كانت بمثابة طوق النجاة.
تابعونا عبر فيسبوك
وخسرت الحكومة المصرية جميع رهاناتها على جذب أموال المستثمرين في الخارج مجدداً، بعد أن هرب ما قيمته 22 مليار دولار بحسب المسؤولين المصريين، رغم خفض العملة المحلية، كما أخفقت في عودة تغيير واستبدال العملة من البنوك المحلية، مع اتساع الفرق في السعر إلى أكثر من 15% و30% في بعض الفترات المضطربة.
وفي كل مرة كان البنك المركزي يقوم بخفض الجنيه إلى مستويات جديدة، بناءً على اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة تمويل جديدة تبلغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهراً، واعتماد سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار، كان السوق الموازي يقفز بعيداً عن أسعار المركزي المصري.
ويقول مراقبون ومحللون: إن الحكومة المصرية تناست أن جزءاً كبيراً من أزمة الدولار، يكمن في نقصه وليس المضاربة عليه، حيث يوجد أكثر من سوق موازي للذهب والسيارات والمستوردين وتحويلات المصريين من الخارج.
واضطر المركزي المصري اللجوء إلى خفض الجنيه إلى 19.7 جنيه ثم 23 جنيهاً ثم 27 جنيهاً ثم قرر ترك الجنيه يهوي إلى 32 جنيهاً، وبذلك انخفض الجنيه في الفترة ما بين 3 كانون الثاني و 11 كانون الثاني الجاري أكثر من 30%.
وأيد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إجراءات البنك المركزي باعتماد سعر صرف مرن للجنيه، خلال الأيام القليلة الماضية، قائلا: إنه يحظى بدعم وتنسيق كامل من جهة الحكومة، لضبط السياسة النقدية، وعودة التوازن لسوق صرف العملة الأجنبية.
وتعهد مدبولي، الأسبوع الماضي، بالقضاء على السوق الموازي خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أنه لا يمكن الحديث عن استثمار وتنمية وتوجد سوق موازية لسعر الصرف، وبالتالي كان لازماً وقف هذه التصرفات غير الصحيحة، وصولاً للقضاء على هذه الظاهرة.
وأشار متعاملون في السوق الموازي، إلى أن “الدولار لامس حاجز الـ 40 جنيهاً وقاموا بالبيع والشراء عند مستوى 38 جنيهاً، قبل أن يقوم المركزي بخفض الجنيه إلى خفض الجنيه إلى 32 جنيهاً، في محاولة للاقتراب من السوق الموازي ومحاصرته، وهو ما أدى إلى حدوث ارتباك في السوق السوداء لحين اتضاح الرؤية”.
وكشف رئيس الوزراء أن الحكومة المصرية لديها خطة لتدبير الموارد الدولارية في العام المقبل، دون الكشف عن تفاصيل تلك الخطة، واكتفى بالإشارة إلى الإفراج الجمركي عن بضائع في الموانئ بقيمة 4.8 مليار دولار، في الفترة من 14 حتى 17 كانون الثاني الجاري، ولا تزال هناك بضائع بقيمة 5.3 مليار دولار بانتظار الإفراج عنها.
وكان تقرير صادر عن بنك “إتش إس بي سي” قال: إن تغيرات أسعار صرف العملة المحلية في السوق المصرية قد تنتهي عند بلوغ الدولار مستوى 30-35 جنيهاً على المدى القصير، مشيراً إلى أن هذا التراجع في سعر صرف الجنيه أمام الدولار قد ترافقه زيادات إضافية على أسعار الفائدة، خاصة مع وصول العائد على شهادات الادخار 25%.
شاهد أيضاً : الصين تتقدم بـ1200 طلب لتنظيم رحلات سياحية إلى مصر