هجرة إيطالية نحو الشمال الإفريقي.. ما علاقة الغاز الروسي؟!
الحرب الأوكرانية المستمرة، دفعت بالمسؤولين الإيطاليين للتحول نحو دول الشمال الإفريقي، في أمل تعويض إمدادات الطاقة الروسية المنقطعة وتحديداً الغاز.
قبل الأزمة الأخيرة، كانت إيطاليا تعتمد على روسيا بنسبة 40 % من وارداتها من الغاز، بحيث كان يصلها منه نحو 29 مليار متر مكعب سنوياً، ومع بدء الحرب وتفاقم الخلافات الغربية الروسية، تراجع هذا الرقم إلى نحو 10 مليارات متر مكعب فقط خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني 2022 وحتى الثاني عشر من كانون الأول، وفقاً لبيانات شركة “سنام” الإيطالية.
وبدء المسؤولون الإيطاليون، البحث عن البدائل المناسبة، فكانت الرحلة الأولى إلى العاصمة الجزائرية منذ الأشهر الأولى لاندلاع الحرب الأوكرانية، بعد إدراكهم بأنها قد تكون الخيار الأمثل والأقرب لحل معضلة نقص إمدادات الغاز.
تابعونا عبر فيسبوك
ووقعت الحكومات الإيطالية المتعاقبة، بدءاً من ماريو دراغي وانتهاء برئيسة الوزراء الحالية جورجا ميلوني، اتفاقيات عدة مع الجزائر لزيادة إمدادات الغاز بنحو 9 مليارات متر مكعب على المدى المتوسط، فضلاً عن اتفاقيات أخرى لتشييد أنابيب إضافية لنقل الغاز والهيدروجين والأمونيا، وحتى بحث إمكانية مد خط بحري للكهرباء.
وفي عام 2021 حلت الجزائر في المرتبة الثانية بعد روسيا كأكبر موردي الغاز إلى إيطاليا، بعد أن زودتها بنحو 22 مليار متر مكعب من الغاز.
وخلال العام الماضي، أصبحت الجزائر أكبر مورد للغاز إلى إيطاليا بحصة تصل إلى نحو 34 % من إجمالي إمدادات الغاز للبلد الأوروبي.
وتمد الجزائر إيطاليا بالغاز مباشرة عبر خط أنابيب “ترانس ميد”، الذي يستطيع نقل نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، مما يعني ضمنياً وجود مساحة متاحة لنقل كميات إضافية من الغاز.
وبالتوازي مع ذلك، عملت شركة إيني الإيطالية على تعزيز تعاونها واستثماراتها في ليبيا للاستفادة من ثروات الغاز هناك، وزيادة الإمدادات منها عبر خط الأنابيب “غرين ستريم” الذي يربط البلدين مباشرة.
ويستطيع هذا الخط نقل ما بين 10 إلى 12 مليار متر مكعبة سنوياً من الغاز، لكن إجمالي ما تم نقله من الغاز الليبي إلى إيطاليا خلال العام الفائت، بلغ نحو 2.5 مليار متر مكعب من الغاز مما يعني إمكانية استخدامه في نقل كميات أكبر من الغاز.
ومن المرتقب أن توقع الشركة الإيطالية، اتفاقية لاستثمار نحو 8 مليارات دولار لتطوير حقلين للغاز في البحر المتوسط، قد تصل قدراتهما الإنتاجية إلى نحو 850 مليون قدم مكعبة يومياً، وفقاً لتصريحات رئيس مؤسسة النفط الوطنية الليبية فرحات بن قدارة.
وتمتلك إيطاليا 6 خطوط أنابيب لنقل الغاز، لكن هذا لم يكن كافياً لتعويض إمدادات الغاز الروسي، مما دفعها كما بقية الدول الأوروبية إلى تعزيز وارداتها من الغاز المسال، مستفيدة من امتلاكها ثلاث محطات لاستقبال هذا النوع من الغاز.
تابعونا عبر فيسبوك
وبلغت واردات إيطاليا من الغاز المسال خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني وحتى الثالث عشر من كانون الأول الماضي، نحو 13.3 مليار متر مكعب أي أعلى بنحو 36 % من الكميات المستوردة في 2021.
وكانت مصر من بين الدول التي لجأت إليها روما لزيادة إمدادات هذا النوع من الغاز، على اعتبار أن مصر كذلك كانت تعمل في الوقت ذاته على تعزيز صادراتها من هذا الغاز.
ووقعت إيني مع إيجاس المصرية في نيسان الماضي، اتفاقية إطارية تسمح برفع مستوى إنتاج الغاز وصادرات الغاز المسال المصرية، فيما كثف المسؤولون الإيطاليون منذ ذلك الوقت زياراتهم إلى القاهرة، لضمان إمدادات من الطاقة لا تقتصر على الغاز.
الزيارات المكوكية للمسؤولين الإيطاليين إلى دول القارة الإفريقية، لم ترتبط فقط بضمان إمدادات البلد الأوروبي من الطاقة، بل تخطط روما إلى ما هو أبعد من ذلك، وتحديداً التحول إلى مركز للطاقة يزود دول القارة العجوز بالإمدادات القادمة من إفريقيا، من خلال تطوير ممرات لنقل الطاقة القادمة لإيطاليا إلى كل من النمسا وسويسرا وألمانيا.
شاهد أيضاً : رغم الحظر الأوروبي.. الديزل الروسي يصل موانئ تركيا وإفريقيا!