من رحم المعاناة إلى أقوى زعماء العالم!
“من رحم المعاناة يولد الأبطال” هذه المقولة جسدتها سيرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المثيرة، الذي تحول من صبي يعيش طفول قاسية، إلى ضابط ذكي في المخابرات السوفيتية، ليصل إلى سدة الحكم في عهد روسيا الاتحادية، ويصبح الرجل الأقوى في البلاد.
كان بوتين في مرحلة المراهقة صبياً نحيفاً يتجول في شوارع لينينغراد القاسية في الستينيات من القرن الماضي، ثم انجذب في هذا الجو إلى حياة المغامرة والسفر، فاقترب من شرطة أمن الدولة في الاتحاد السوفيتي السابق، وبحلول عام 1975، أصبح مؤهلاً للعمل في جهاز مكافحة التجسس المعروف بـ”KGB”.
ولد بوتين عام 1952 كان أبوه عامل مصنع، ومجند في البحرية السوفيتية، وتوصف طفولته بالتقشف والعنف، حيث تقول عنه سوزان جلاسر، مديرة مكتب موسكو السابقة لصحيفة “واشنطن بوست”، ومؤلفة كتاب “صعود الكرملين: روسيا فلاديمير بوتين ونهاية الثورة”: إن “تربيته القاسية كانت شديدة التكوين”.
تابعونا عبر فيسبوك
“وتضيف جلاسر لصحيفة “إي بي سي” الأمريكيّة إذا كنت تريد أن تفهم فلاديمير بوتين ، فحاول أن تفهم الظروف القاسية ، شبه الداروينية للفناء في المبنى السكني الجماعي الذي نشأ فيه”.
بدأ بوتين في سن الثانية عشرة بدراسة الفنون القتالية، وذلك للدفاع عن نفسه من المتنمرين في المقام الأول؛ لكنه في العقد التالي أصبح بطلًا معروفا للجودو، ويملك قدرة فائقة على تحديد نقاط ضعف خصومه، لتوجيه الضربة القاضية في المكان المناسب.
كان يوري أندروبوف رئيس “كي جي بي” عام 1967 يسعى إلى اجتذاب مرشح ذي جودة عالية، بعيدا عن أولئك الذين كانوا يتجولون بطريقة بدائية، ويتجسسون على الآخرين لقد كان باختصار يبحث عن خريجي الجامعات، أو حتى الثانويات، ممن لديه وعي وتفكير سليم.
بوتين كان الشخص المناسب في تلك المرحلة، فقد وجد أندروبوف ضالته في الشاب الطامح.
حقق بوتين حلمه بالالتحاق بجهاز الـ”كي جي بي”، لكنه لم يصل إلى المستويات العليا، فلم يتم تعيينه حتى في منصب رفيع المستوى في ألمانيا الشرقية، واكتفى رئيسه بتعيينه في منطقة صغيرة منعزلة، فلم يجذب بعد جنرالات المخابرات الكبار.
يقال أن بوتين تقاعد من جهاز ” كي جي بي” عام 1991، في إظهار لدعم آخر رئيس سوفيتي هو ميخائيل جورباتشوف، الذي تعرض لمحاولة انقلاب، وعقب ذلك وتحديداً السنوات الست التالية شغل العديد من المناصب السياسية والحكومية وكون صداقات قوية، قادته لاحقاً لرئاسة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي” “FSB
في هذه المرحلة من حياة بوتين، طفا على السطح جانبه السياسي، تقول عنه الصحفية الأمريكية شورت: “بمجرد أن دخل السياسة، كان الرجل الذي يعرف الأزرار التي يجب أن يضغط عليها، وكان ناجحاً للغاية، بارعاً جداً في لعب دوره، ومعرفة ما سيكون له صدى مع محاوريه، وما الذي عليه فعله للوصول إلى غايته”.
في عام 1999، عندما كان رئيس الوزراء بوريس يلتسين يبحث عن خلفاء محتملين، بدا بوتين على ما يبدو، وكأنه مرشح مخلص ومجتهد، وهنا أعطت السياسة لبوتين ما منحه هو للاستخبارات في الدولتين السوفيتية والروسية.
وهكذا أصبح بوتين رئيساً لوزراء روسيا لبضعة أشهر باختيار يلتسن، الذي سيتقاعد مبكراً، ويتولى فلاديمير الرئاسة ويبقى فيها لمدة 18 عاماً، عدا عن أربع سنوات تحرك فيها مؤقتا عن مقعده لصالح ديمتري ميدفيديف، ليعود بقوة أكبر ما تزال مستمرة.
شاهد أيضاً: وفاة برويز مشرف