3 محاور رئيسية للخفض الطوعي لـ”أوبك+”
جاء قرار الخفض الطوعي لإنتاج النفط لعدة دول ضمن تحالف “أوبك+”، بما في ذلك السعودية والإمارات، بمثابة الصاعقة التي ألجمت أسواق النفط، وزلزلت أسعار الخام.
وكانت عدة دول مصدرة للنفط ضمن تحالف أوبك+، بما في ذلك السعودية والإمارات، قد أعلنوا يوم الأحد 2 نيسان، عن خفض طوعي لإنتاج النفط، بواقع 1.657 مليون برميل يومياً، اعتبارا من مايو المقبل وحتى نهاية 2023، في خطوة تهدف إلى “تحقيق التوزان في سوق النفط”، الأمر الذي أثار مخاوف من تأثير هذا القرار على الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى مدى تأثيره على جهود البنوك المركزية لترويض التضخم.
سألنا مستشار التحرير في منصة الطاقة المتخصصة، أنس الحجي، حول دلالات التحرك وإذا ما كان خطوة استباقية لها علاقة بتوقعات النمو الاقتصادي ليرد أنه هناك تساؤلات عديدة تحتاج للإجابة لمعرفة سبب هذا القرار ومنها:
• هل نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من العام أقل من المتوقع؟ ومن ثم فالقرار هو ضربة استباقية للأحداث؟
• هل هناك ضبابية شديدة في الأسواق بسبب الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة، واحتمالات الركود الاقتصادي، وكون أن الانتعاش في الصين أقل من المتوقع؟ ومن ثم فهو ضربة احترازية؟
• هل الهدف النهائي منه هو منع الأسعار من الانخفاض أم رفع الأسعار؟
الحجي أكد من الصعب معرفة ذلك لأن وزراء أوبك توقفوا عن الحديث عن أسعار النفط منذ 2016 بناء على نصيحة شركات محاماة أميركية حتى لاتستخدم تصريحاتهم ضدهم عند التصويت على قرار “لا أوبك” في الكونغرس ومجلس الشيوخ، والذي يقضي بتوسيع قوانين محاربة الاحتكار الأمريكية لتشمل الدول والشركات التي كان حاصلة على حصانة دبلوماسية. مشيرا إلى أن منصة طاقة رصدت أراء مختلفة حول العالم عن قرار أوبك + بتخفيض الانتاج طوعياً، والتي يمكن حصرها في 3 مجموعات:
المجموعة الاقتصادية
يرى مدافعو هذا الرأي أن سبب تخفيض الإنتاج الطوعي يعود للأسباب التالية:
• الخوف من انخفاض نمو الطلب العالمي على النفط في ظل أزمة البنوك الأمريكية التي قد تتحول إلى أزمة مالية، ثم ركود اقتصادي، ومن ثم فإنه من المنطقي أن يكون قرار أوبك “احترازيا”.
• النمو في الاقتصاد الصيني لم يترجم في أرض الواقع إلى نمو كبير في الطلب على النفط كما كان متوقعاً.
• مشكلة التضخم، ورفع أسعار الفائدة، وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي الذي يسّعر به النفط.
المجموعة المالية
يرى مؤيدو الأسباب المالية أن قرار التخفيض الطوعي والمفاجئ سببه انخفاض أسعار النفط نتيجة رؤية تشاؤمية من المضاربين بشأن الأزمة البنكية والتي يمكن أن تتطور إلى أزمة مالية.
تابعنا عبر فيسبوك
وأضافوا “كان هدف أوبك+ من إعلان تخفيض طوعي مفاجئ هو معاقبة هؤلاء المضاربين وإخراجهم من السوق بخسائر كبيرة كي لا يقوموا بذلك مرة أخرى، وحصل هذا فعلا يوم الاثنين الماضي عندما ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 5 دولارات للبرميل نحو 8 %، وتكبد المضاربون الذي كانوا يتوقعوا انخفاض أسعار النفط خسائر ضخمة”.
بعض المحللين يرون أنه تمت معاقبة المضاربين الذي يحاولون تخفيض أسعار خام برنت تحت 80 دولار، في إشارة أن 80 دولار هي أرضية الأسعار ولن تقبل أوبك بأسعار أقل من ذلك، بحسب منصة طاقة.
يرى أصحاب هذا التوجه أن الأسباب السياسية هي اللاعب الأكبر وراء قرار أوبك بلس، ولاعلاقه له بأساسيات أسواق النفط، خاصة أنه كان هناك إصرار من مسؤولي أوبك ولعدة شهور أن التخفيض الذي أقر في تشرين الأول الماضي سيظل سارياً المفعول حتى نهاية 2023 وأن الإنتاج لن يتغير.
ويستدلون بأن أسعار النفط كانت ترتفع عندما اتخذ القرار بسبب القدرة على تحجيم آثار الأزمة المصرفية، وكانت الرؤية إيجابية لأسعار النفط في النصف الثاني من العام. ويرون أن التوقيت مثير للاهتمام حيث أن التخفيض سيبدأ في منتصف الفترة التي ستبدأ فيه الحكومة الأمريكية بسحب 26 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي، ومباشرة قبل موسم السفر الصيفي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تصبح أسعار البنزين مهمة للجميع، ولهذا يهتم بها السياسيون، بما في ذلك إدارة بايدن.
ولهذا فإن هذه المجموعة ترى أن التخفيض، خاصة كونه طوعيا، هو رسالة سياسية لحكومة بايدن، وتم إيصال الرسالة بالتواصل مع الحكومة الأمريكية قبل إعلان التخفيض.
وكان الكاتب المشهور ديفيد أغناتيوس قد كتب مقالاً في جريدة الواشنطن بوست يؤكد على أن تخفيض الانتاج هو رسالة سعودية إلى إدارة بايدن، لكن هناك ثمان دول شاركت في التخفيض، فلماذا يتم قصر الأمر على السعودية؟ وهناك فريق ضمن هذه المجموعة يرى أن القرار مرتبط بالاتفاق السعودي الإيراني، لأنه يعني فسح المجال للنفط الإيراني من جهة، ورفع أسعار النفط من جهة أخرى. ولكن يرد على ذلك بأن راعي الاتفاق هو الصين، والصين ضد ارتفاع أسعار النفط.
كما أن إيران تنتج وتصدر بطاقتها القصوى على كل الحالات، وتصدر النفط إلى أوروبا بضوء أخضر من إدارة بايدن، وليس لديها أي كميات إضافية لتسويقها.
وفي هذا السياق السياسي، كان تصريح الحكومة الروسية بأنها لم تنسق مع دول أوبك+ الأخرى بشأن تمديدها لانخفاض الانتاج إلى نهاية عام 2023، غريبا وملفتا للنظر، كما أن المعلومات التي نشرت عن التخفيض لا تتضمن روسيا، وهذا أمر ملفت للنظر أيضاً، لأنه يدل على عكس المراد منه: المراد منه هو إعلام الأمريكيين والأوروبيين بأن دول الخليج تحديداّ لا تنسق مع روسيا، ولكن تصريح روسيا من جهة، وبيانات التخفيض من جهة أخرى تشير إلى تنسيق بين هذا الأطراف!
شاهد أيضاً: اتفاق ثنائي للتخلّي عن الدولار!