من طريق الانتقال الديمقراطي إلى ساحة الحرب.. كيف اندلعت النار في السودان؟!
من سلامات واحتضانات وبخطى واحدة نحو طريق الانتقال الديمقراطي، إلى رصاص ونار وغضب في ساحة حرب يبدو أنها بدأت لكي لا تنتهي، بعدما كانت التقارير الواردة تنذر بانتهاء سنوات طويلة من عناء الشعب السوداني. وانهاء التنافس السلطوي الذي عاشته البلاد في الأعوام، تحول درامي غير متوقع في السيناريو السوداني.
ذلك التحول والذي وصل إلى مرحلة “اللاعودة”، جعل الكثيرين مهتمين مما دار خلف الكواليس في الأيام الأخيرة ما قبل النزاع، الذي اندلع بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”.
فماذا حدث قبل الحرب؟
موقع “أكسيوس” الأمريكي كشف تفاصيل الساعات الأخيرة التي سبق ما وصفه بـ”لحظة الانهيار”، قائلاً: إن “التوترات انفجرت الأسبوع الماضي عندما لم يتمكن القائدان من إيجاد أرضية مشتركة، بشأن النقطة العالقة الأخيرة في التوصل إلى اتفاق لمنح السلطة لحكومة مدنية”.
ونقل الموقع عن أربعة مصادر مطلعة على المفاوضات قولها، إن التوترات بين الرجلين شقت طريقها إلى التصاعد بسرعة مع بدء المحادثات لإعادة البلاد إلى طريق الديمقراطية.
وقال مصدر سوداني شارك في المفاوضات: إن “العداء تعمق في الأسابيع الأخيرة، بعد أن رفض البرهان وحميدتي الترحيب ببعضهما البعض أو تبادل أي كلمات، حتى في أثناء المحادثات”.
تابعونا عبر فيسبوك
وقال مسؤول أمريكي كبير ومصدر سوداني لموقع “أكسيوس”، إن “الخلاف تركز على الشكل الذي سيبدو عليه التسلسل القيادي العسكري في السودان، بعد تشكيل الحكومة المدنية”.
وأضاف المسؤول الأمريكي الكبير ومسؤول أمريكي آخر: “بينما أراد البرهان أن يكون الشخصية العسكرية العليا والوحيدة التي تقدم تقاريرها مباشرة إلى الحكومة المدنية، طالب حميدتي بأن تكون له قناته المباشرة الخاصة مع القادة المدنيين دون الاضطرار إلى المرور عبر قائد الجيش”.
المصدر السوداني قال: إن “إحدى الأفكار التي نوقشت خلال المفاوضات كانت آلية تقاسم السلطة بين الرجلين، والتي من شأنها أن تمنح كلاً منهما حق النقض على القرارات”، مشيراً إلى أن “الاتفاق كان جاهزاً للتوقيع الأسبوع الماضي، فدول مجموعة الرباعية من أجل السودان، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية قدمت اقتراحاً للطرفين”.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: إن وزير الخارجية أنتوني بلينكين اتصل بالبرهان وحثه على حل النقطة الشائكة الأخيرة، مذكراً إياه بالتزامه بالعودة إلى الانتقال المدني.
إلا أنه بحلول ذلك الوقت، كانت المحادثات انهارت بين البرهان ودقلو وسد الطريق الديمقراطي بينهما، وبدأ الجانبان في الاستعداد لمواجهة مسلحة”، بحسب مصدر منفصل مطلع على الوضع لـ”أكسيوس”.
يقول المصدر إن “البرهان، الذي كان يخشى هجوم حميدتي، بدأ في إصدار أوامر بإرسال تعزيزات إلى الخرطوم مطلع الأسبوع الماضي”، مضيفاً: “في الوقت نفسه، بدأ حميدتي في إرسال قواته إلى قاعدة مروي الجوية شمال العاصمة، والتي استضافت طائرات مقاتلة وطيارين “.
وبحسب “أكسيوس”، فإن البرهان اعتبر تحرك قوات الدعم السريع إلى القاعدة الجوية وإلى الخرطوم بمثابة استفزاز، فأصدر في 13 نيسان الجاري تحذيراً عاماً قوياً ضد قوات الدعم السريع.
وبعد يومين، اندلع القتال في الخرطوم وما حولها، بالإضافة إلى مدن وبلدات أخرى، ليخرج السودان مرة أخرى، عن مسار الانتقال إلى الديمقراطية إلى ساحة مليئة بأزيز الرصاص ودوي المدفعية وهدير عالٍ من الطائرات.
تابعونا عبر فيسبوك
وقال مصدر سوداني: “الهدف الآن هو جلب أكبر عدد ممكن من الأصوات إلى المحادثة، وأكبر عدد من نقاط النفوذ، سواء من دول الخليج، أو الأفارقة، أو من المنظمات الدولية، لمناشدة كليهما لوقف القتال، على الأقل مؤقتاً حتى نتمكن من العودة الى المفاوضات التي ستؤدي الى قيادة مدنيين للسودان”.
لكن: المصدر السوداني، الذي يعرف البرهان وحميدتي، يشكك في القدرة على إقناع الجنرالات بوقف القتال والانتقال إلى الحل الديمقراطي قبل إعلان أحدهم النصر، مؤكداً أن الطرفين “تجاوزا نقطة اللاعودة في علاقتهما”.
ووصفت الأمم المتحدة الوضع الإنساني في السودان بأنه “كارثي”، وأوقفت العديد من مجموعات الإغاثة، بما في ذلك بعض وكالات الأمم المتحدة، عملياتها الإنسانية بسبب العنف.
شاهد أيضاً : روسيا ترد بالمثل على طرد جماعي لدبلوماسييها في ألمانيا