هل انتهت هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي؟
«عصر الدولار انتهى».. «نزع الدولار بدأ»..«إزالة الدولرة انطلقت»، مصطلحات كثيرة بدأت وسائل الإعلام العالمية التركيز عليها خلال الأسابيع الماضية.
حيث بدأت دول عديدة بالتخلّي عن الدولار الأمريكي للمرة الأولى، وهذا الأمر لم يقتصر على أعداء أمريكا فقط، إنّما على حلفائها أيضاً.
تابعنا عبر فيسبوك
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح الدولار العملة المهيمنة على الاقتصاد العالمي، فقد تم اعتماد الدولار كعملة رئيسية للاحتياطيات النقدية بالبنوك العالمية وفي التبادلات التجارية.
ويعتبر الدولار معياراً لقوة اقتصاد أي دولة في العالم، وهذه القوة الاقتصادية كانت مرتبطة بهيمنة ونفوذ سياسي أمريكي على العالم.
الأزمات الاقتصادية التي ضربت العالم خلال السنوات الماضية لم تؤثر على الدولار، وبقي مسيطراً بفضل القوة السياسية التي كانت سور كبير لمنع المساس به، وكمثال على ذلك الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 2008، فعندها شعرت الدول بضرورة تنوّع مصادرها للتخلّي عن الدولار، لكن بفضل قوة أمريكا السياسية لم يتغيّر أي شيء.
واستمرّت هيمنة الدولار حتى بداية الحرب الأوكرانية، فعندها قررت أمريكا فرض عقوبات مشددة وواسعة على روسيا، ودفعت أوروبا للاستغناء عن الطاقة الروسية التي كانت تُعتبر شريان الحياة للقارة الأوروبية.
واستجابت أوروبا للطلب الأمريكي، لكنّها عجزت عن تأمين البديل، وهذا تسبّب بأزمة اقتصادية خانقة داخل أوروبا، حيث ظهرت أزمات معيشية كبيرة، ووصل التضخم لأعلى مستوياته بمنطقة اليورو، إضافةً إلى ذلك انهارت العديد من البنوك الأمريكية.
وعندما قررت أوروبا شراء الغاز المسال من أمريكا لتعويض الغاز الروسي، باعته أمريكا بسعر أغلى بـ 4 أضعاف سعر الغاز المستورد من روسيا، وهذا كان السبب لاهتزاز ثقة أوروبا بأمريكا.
وفي المقابل، فرضت روسيا على العالم شراء مصادر الطاقة الروسية بالروبل
وأوجدت أسواق بديلة عن أوروبا لتصريف إنتاجها متل الصين والهند ودول شرق آسيا.
وكانت نتائج العقوبات مصدر قوة لروسيا بدلاً من أن تكون رادعاً، فقد حافظت على ورادات الطاقة مثلما كانت قبل الحرب، كما نجحت بالحصول على العائدات بالروبل، وهذا الشيء أعطى قوة كبيرة لعملتها، أمّا النتيجة الثالثة فهي أنّ دول عديدة ابتعدت عن السياسة الأمريكية وبدأت التعامل مع روسيا للحصول على الطاقة، وكذلك عزّزت شراكتها الاستراتيجية مع الصين والسعودية.
ودفعت العقوبات العبثية وضعف الاقتصاد الأمريكي وظهور قوى سياسية على الساحة الدولية دول عديدة للتخلّي عن الدولار في معاملاتها التجارية، فأصبحت توريدات الطاقة الروسية والنفط السعودي إلى الصين باليوان الصيني، وقررت الهند شراء النفط من روسيا بالروبل، كما طرحت البرازيل فكرة عملة جديدة لدول البريكس للاستغناء عن الدولار، وهذه المعطيات تؤكّد أنّ نهاية عصر الدولار قد اقتربت.