بِعثة الدّابي.. «دي ليلة حمد مهببة» !
سوريا 2011، اندلعت شرارة أحداث مأساوية لم تبقِ أحداً في هذا العالم على الحياد، احتلت إمارة قطر صدارة جهود إقليمية وغربية للإطاحة بنظام الحكم في دمشق، «جامعة الدول العربية» وتحت الضغط القطري وضعت شروطاً على سوريا وجَبَ تنفيذها!.
وكان من بينها إرسال «بعثة عربية» بقيادة الجنرال السوداني «محمد الدّابي» لمراقبة الوضع على الأرض.
في كتابه «الوجه الآخر الثورات العربية» يكشف الصحفي اللبناني «نضال حمادة» كواليس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وكيف قامت بغداد بإقناع دمشق بتوقيع «بروتوكول» مع الجامعة العربية لإرسال هذه البعثة.
كانت قطر تريد حشر حكومة دمشق في الزاوية، وتضغط عليها لقبول «البروتوكول العربي».
في اجتماعات الدوحة قال وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم لوزير الخارجية السوري آنذاك وليد المعلم: «إن المبادرة العربية واضحة إما تقبلونها وإما ترفضونها وتتحملون النتائج».
يروي الصحفي اللبناني نقلاً عن مصدر عراقي مسؤول في القاهرة وقائع محادثة هاتفية جرت بين وسيط عراقي وأمين الجامعة العربية نبيل العربي، واصفاً إياها بـ«المشهد المؤلم والمضحك في آنٍ معاً»
أقنعت بغداد الرئيس السوري بشار الأسد بقبول توقيع «البروتوكول» مع الجامعة العربية، وعليه أجرى الوسيط العراقي اتصالاً هاتفياً مع نبيل العربي لإبلاغه بالموافقة السورية.
موافقة دمشق غير المتوقعة صدمت أمين عام الجامعة العربية، وستصدم معه شخصاً آخر!.
تابعونا عبر فيسبوك
الرد الأول للعربي على الوسيط العراقي كان: «بتقول إيه؟»، فكرر الوسيط: «أقول سوريا سوف توقع البروتوكول في الساعات المقبلة».
فردّ نبيل العربي بالحرف: «دي ليلة حمد مهببة»!.
لم يخطر على بال حمد بن جاسم أن بعثة المراقبين العرب التي قاتل شهوراً من أجل إرسالها إلى دمشق سوف تكون ألد أعدائه!.
يقول الصحفي اللبناني نبيل حمادة: «الحقيقة أن القطريين وقعوا في شر أعمالهم ولم يحالفهم الحظ ولا التوجهات السياسية لغالبية أفراد البعثة فانقلبوا عليها».
دخلت طلائع بعثة المراقبين العرب سوريا في الـ 22 من كانون الأول، وبعد وصول البعثة بنحو 10 أيام، قدم الجنرال محمد الدابي أولى تقاريره للجامعة العربية، أقرّ فيها بتعاون كامل من قبل الحكومة السورية وباستجابتها لمعظم طلبات المراقبين العرب.
كما كشف الدابي عن وجود مسلحين في كثير من المناطق في سوريا، وبأن هؤلاء يسيطرون على بعض المناطق سيطرة كاملة!.
تحاشى الجنرال السوداني التصريح لقناتي «العربية» و«الجزيرة» ووصفهما بأنهما «غير حيادتين وتضخّمان الأحداث».
بدأت قطر تصارع قطر لإنهاء مهمة المبعوثين العرب بعد أسبوع من بدء عملهم، واتهمت أعضاء البعثة بارتكاب أخطاء.
أكثر من ذلك.. بدأ حمد بن جاسم يضغط على الدول الأعضاء في الجامعة العربية لنقل الموضوع إلى الأمم المتحدة، وجعلها تدخل في البعثة.
بحسب مصادر أخرى وثيقة الاطلاع، دار سجال بين حمد وزميليه المصري والجزائري بشأن إدخال الأمم المتحدة على الخط، اللذين رفضا هذا الأمر على قاعدة أن الحكومة السورية تتجاوب مع البعثة، وبالتالي يجب إعطاؤها الفرصة والوقت الكافي لإنجاز مهمتها.
ولما ظهر أن بعثة المراقبين لم تحقق النتائج المرجوة من خصوم دمشق، سحبت دول الخليج مراقبيها، ثم رفضت الجامعة لاحقاً التمديد للبعثة بحجة عدم وجود ميزانية مخصصة لها وعلقت عملها.
وهكذا باختصار.. هكذا خسرت قطر معركة المراقبين العرب!.
شاهد أيضاً: مصر تعصي أمريكا من أجل روسيا وسوريا !