رغم كونها طرفاً في الصراع.. ماذا قدمت تركيا كدولة ضامنة لـ”مسار أستانا” ؟!
اختلفت التقييمات حول نتائج اجتماعات “مسار أستانا” بعد إعلان كازاخستان نهايتها على أراضيها قبل أن تعود الدولة الجارة لروسيا عن قبولها عودة المسار إلى أرضيها من قبيل “حسن النية”.
الاجتماعات في العاصمة الكازاخية، انطلقت أساساً بعد معركة “تحرير حلب”، في نهاية عام 2016 وبداية عام 2017، بهدف جمع الأطراف السورية المتصارعة.
ومنذ ذلك الوقت، عُقد عدد كبير من الاجتماعات، التي ضمّت إلى جانب الحكومة السورية و”الفصائل المعارِضة”، “الدول الضامنة” للمسار روسيا وإيران وتركيا، ونتج منها عدد كبير من مناطق خفض التصعيد والمصالحات والهدوء النسبي، بما أتاح للدولة السورية “التقاط أنفاسها بعد سنوات قاسية من الحرب المفتوحة”.
لكن الوجه الآخر للمسألة، أن تركيبة الدول الضامنة اختزنت خللاً فاضحاً، وهو أنها ضمّت تركيا، على رغم كون الأخيرة طرفاً فاعلاً في الصراع الدموي المفتوح مع دمشق، بحسب محللين سياسيين.
وقال المحللون: إن “روسيا وإيران أدركتا ذلك الخلل، لكنّهما عملتا على اتّباع سياسة “الترويض” التدريجي”.
تابعونا عبر فيسبوك
ولعلّ بعض النجاح تَحقّق في هذا المضمار، وإنْ كان جزئيّاً ومحدوداً جدّاً، فكانت بيانات “أستانا” الثلاثية تُكرّر، في كلّ مرّة، لازمة “وحدة الأراضي السورية وسلامتها وسيادة الدولة عليها ومكافحة الجماعات الإرهابية والانفصالية”.
وفي كلّ بيان، كان دعاة المسار يَرون فيه نجاحاً يُلزم تركيا بدعم المبادئ المذكورة، غير أنه هو نفسه فتح، توازياً، على أوتوسترادات من التدخُّل العسكري التركي، بدأت عشيّة انطلاقه ولا تزال مستمرّة، وفقاً للمحللين.
وأشار المحللون إلى أن “مسار أستانا”، انطلق ومعه بشكل متوازٍ مسار “القضم التدريجي” للأراضي السورية من قِبَل الجيش التركي. ولم يَعُد اتّكال أنقرة مقتصراً على الجماعات المسلّحة أو “الجيش السوري الحر”، بل بادرت القوات التركية بنفسها إلى تنفيذ عمليتَي “غصن الزيتون” مطلع عام 2019 “أسفرت عن احتلال منطقة عفرين”، و”نبع السلام” من العام نفسهK علماً أن تركيا كانت تسعى وراء عمق يصل إلى 30 كيلومتراً.
والمفارقة، هي أن العمليات العسكرية الثلاث الكبرى، لم تواجَه بأيّ اعتراض من جانب موسكو، بل إن الروس مهّدوا لعملية عفرين بالانسحاب من المواقع التي كانوا متمركزين فيها، فيما كانوا طرفاً مباشراً في “اتفاق سوتشي” مع تركيا، والتي عنت بشكل أو بآخر الموافقة على عملية “نبع السلام”، وفق ما قاله المحللون.
وأضاف المحللون، أنه “في العمليات الثلاث تلك، كان الهدف التركي المعلَن هو تنظيف المناطق المُشار إليه من عناصر (قسد) الكردية، ومنْع الأكراد من تشكيل ممرّ كردي يصل شرق الفرات بغربه، وصولاً إلى البحر المتوسط”.
ومن جهتها، ترى روسيا في العمليات العسكرية التركية إضعافاً للوجود الأمريكي في شمال سوريا، على اعتبار أن “قسد” تحظى بدعم كامل من الأمريكيين، وفق ما أشار إليه محللون.
وبحسب المحللين، بناءً على ما سبق، “انطلقت أوسع موجة تغيير ديموغرافية ودينية ومذهبية، حتى مسألة إعادة جزء من اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا، لم تكن لتتمّ إلّا بهدف تغيير بنية المناطق المحتلّة من جانب أنقرة”.
حيث أُعيد، حتى الآن، نصف مليون لاجئ، بعدما بنت لهم تركيا بيوتاً من الطوب ضمن مجمّعات سكنية، وأُسكنوا في مناطق لا ينتمون إليها أصلاً، فيما تخطّط أنقرة أيضاً لإعادة مليون لاجئ معتمدةً المنهاج عينه، وبالتعاون مع الدوحة التي تقوم أصلاً بتمويل كلفة هذه البيوت”.
هكذا، استمرّ «أستانا» في إصدار البيانات المؤكدة على “وحدة سوريا وسلامة أراضيها”، فيما الفعل يظلّ مناقضاً للقول، ذكر المحللون، أن “ما سبقه حمل مؤشّرات إلى انسداد محتمَل في ما يتّصل بأولوية الحلّ بين سوريا وتركيا، ففيما كانت الوفود تذهب إلى أستانا، كان الجيشان التركي والسوري يحشدان في مناطق تل رفعت ومنبج”.
أكثر من ذلك، تكثّفت عمليات استهداف القوات التركية واستخباراتها لعناصر “قسد” عبر ما يسمّى عمليات “النقطة الموضعية”، بعد فوز أردوغان بالرئاسة، وتعيين مسؤولين جدد في مواقع وزارية وحسّاسة.
شاهد أيضاً : العراق يدعور لعقد مؤتمر دولي بشأن مخيم “الهول”