حتى الضرائب.. كلو بالدولار إلا الموظف بالسوري !
خاص – نور ملحم
في زمننا الماضي كنا نسمع عبارة “ما حدا بنام جوعان”.. كثيرة هي القصص التي لا تنتهي لعائلات سورية عاشوا قبل سنين في بحبوحة مادية، أو على الأقل لم يكن لأهل الخير أن يتركوا جائعاً، أما هذا الزمن فقط تغير وكثرة الحاجة وانتشار الفقر والجوع جعل في كل بيت قصة يكاد يطغى أساها على ما سبقه من سنين.
تراكمات الحرب والفساد والقرارات الخاطئة خلّفت واقع معيشي مأساوي، بعد أن ضرب الفقر أطنابه وبات أكثر من 90% منهم تحت مستوى خط الفقر المستمر للأسف في منحاه التصاعدي بصورة غير مسبوقة.
جلسات استثنائية واجتماعات حكومية وقرارات وتعاميم ونشرات رسمية كلها كانت محور الحديث عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل على أمل ايجاد حل جذري يحسن الأوضاع المعيشية للسوريين، ولكن لم يتغير أي شيء بل المراقب للأسواق يلاحظ أن الأسعار ارتفعت بعد هذه الاجتماعات أكثر من 30% وبات الوضع أكثر حساسية عما كان عليه.
ما زلنا في بداية وصول هواء العاصفة أيّ الأزمة الاقتصادية وإلى الآن لم يصدر أي تقرير عن تداعيات الأزمة واليوم تعلن شركات وبورصات كبرى عن إفلاسها فالعمالة السورية في الخارج إذا عادت سيتم انخفاض الإنفاق اليومي بسبب توقفهم عن إرسال الأموال لذويهم في سوريا، كما أن حساب الفرق بين سنة وأخرى من الموازنة يجب أن يتم فيها حساب نسبة التضخم أيّ أن الزيادة ما زادت بالشكل الذي يحس فيها المواطن العادي.
تابعونا عبر الفيسبوك
فقدت الحكومة مصادر دخل كبيرة واضطرت إلى زيادة وارداتها لمواكبة الطلب المحلّي فما كان من وزارة المالية إلا اتباع سياسة رفع نسبة الضرائب المفروضة سابقاً على قطاعات معيّنة، وفرضها ضرائب جديدة على قطاعات أخرى بهدف ردف أكبر كم من النقود لخزينة الدولة.
لا أحد ينكر أن تحصيل الضرائب تؤدي إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع نسبة مساهمتها إلى النصف ولكن سيقابلها ارتفاع كبير في تكلفة النقل والبضائع وارتفاع جديد في أسعار السلع والخدمات سواء المُنتجة محليا أو المستوردة، وهو ما قد يؤدي إلى تجاوز نسبة التضخم السنوي بنسبة 150% وبالتالي فإن معدل التضخّم المرتفع سيؤثرعلى القوة الشرائية للمواطنين من خلال زيادة تكلفة المعيشة بشكل كبير.
كما انتقل الأثر لأسعار الصرف واستمرار نقص الغذاء والوقود والمزيد من تقليص الدعم، وتبقى المخاطر عى توقعات النمو كبيرة وتميل إلى الإتجاه سلباً في حال بقيت العقلية المالية التي تعمل على إصدار القرار نفسها ولم تتغير، فالسياسة المتبعة اليوم تسهم في تجويع الناس، فكلما انخفضت الليرة، انخفضت رواتب الموظفين، وارتفعت الأسعار لتواكب سعر الدولار، ما أدى لوصول القوة الشرائية إلى العدم.
تبرر وزارة المالية قرارتها الأخيرة في ملف الضرائب، بعملها على تحسين السياسية الضريبية وإصلاحها، والحد من التهرب الضريبي وهذه المحاور هي الهدف الذي أُنشئت من أجله مطلع عام 2021 “لجنة مختصة” مؤلفة من 11 عضوًا يترأسها وزير المالية، كنان ياغي، يبدو أنها لم تحقق ما أوجدت لأجله حتى الآن.
فالنظام الحالي لا يحقق سوى الهدف الأول من أهداف الضريبة، وهو الهدف المالي على حساب الأهداف الاقتصادية والاجتماعية ولم تكتفي وزارة المالية بفرض الضرائب على المحلات التجارية، ومن المتوقع أن يتم رفع الضرائب على المشاريع التنموية، لذلك فأن آثار ارتفاع الضرائب ستكون كارثية، من الناحية المعيشية، غير مستبعد أن تؤدي إلى المجاعة، حيث باتت جميع الأعمال والسلع والبضائع والخدمات حتى باقة البقدونس تسعر على الدولار إلا الموظف فقد بقي على السوري ، فهل يوجد من يصلح ما خربته السياسية المالية المتبعة.
شاهد أيضاً: في حماة.. اختلس أكثر من 200 مليون وهذا ما حصل ؟!