ســــــوريـا.. بين مطرقة السلطان وسندان القيصر !
يقول مثل روسي: «يكون الضيف ذهباً فيصبح فضة ثم حديداً»!، فهل أصبح الضيف الروسي في سوريا كالحديد؟.
ويقول مثل روسي آخر: «الخُبز والملح لا يتقاتلان».. فهل باعت روسيا جزءاً من موقفها في سوريا لصالح تركيا بعد أن صار بين بوتين وأردوغان خُبز «إس 400» وملح «ترك ستريم».. ومقادير أخرى؟.
هل تعلم أن بوتين أعطى أردوغان ما لم يعطه إياه زعماء أمريكا الثلاثة طوال سنوات الحرب في سوريا؟ وحوّل أحلامه بمنطقة آمنة في الشمال إلى واقع؟.
إذا كان أردوغان مراوغ محترف.. فقد أثبت بوتين القوي والصلب صحة حكمة روسية تقول: «حتى يد القيصر لها خمسة أصابع فقط».
مع اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011 طالبت تركيا بـ«منطقة آمنة» شمال سوريا.. لكن أمريكا رفضت.
عام 2014.. عادت أنقرة وألحت على واشنطن لإقامتها ضمن شروطها للمشاركة بالتحالف الدولي ضد داعش.. لكن أمريكا عادت وألحت بالرفض!.
واشنطن قالت إنها لا ترى ضرورة لمثل هذه المنطقة التي ستحول دونها صعوبات عديدة.. فما الذي حدث لاحقاً؟.
«لا تاخد صاحب إلا من بعد قتلة»
تابعونا عبر فيسبوك
اندلعت أزمة حادة بين روسيا وتركيا خريف 2015، بعد إسقاط الأتراك مقاتلة روسية عند الحدود السورية التركية.. غير أنه سرعان ما تم نزع فتيلها باعتذار رسمي من أردوغان في حزيران 2016، اعتبرته موسكو «خطوة مهمة للغاية».
لاحقاً في شهر آب، حط أردوغان رحاله في روسيا، وبعد عودته بأيام عبرت دبابات تركية الحدود السورية باتجاه جرابلس.
التوغل التركي حمل اسم «درع الفرات» تحت عنوان محاربة داعش وإبعاد الفصائل الكردية إلى شرقي نهر الفرات.. فكانت هذه العملية بداية الطريق لإنشاء منطقة آمنة داخل سوريا يمكن الانطلاق منها مستقبلاً في عدة اتجاهات ووفق عدة سيناريوهات.. وهو ما حدث لاحقاً.
مع بدء العملية صرّح قيادي في الفصائل الموالية لتركيا لموقع الخليج «أون لاين» أن عملية «درع الفرات» تم التوافق عليها مع الجانب الروسي خلال زيارة أردوغان!.
الخارجية الروسية اكتفت في بيان بالتعبير عن «القلق» من العملية التركية، وهو ما اعتُبر «إجراءً بروتوكولياً» ليس إلا.. فيما اتفق جميع المراقبين على أن التوغل التركي جاء بضوء أخضر روسي بعد تحسّن العلاقات بين أنقرة وموسكو.
لم تسمح المصالحة لتركيا بالتوغل في سوريا لمرة واحدة فقط، بل تبعها عمليات «غصن الزيتون» عام 2018، و«نبع السلام» عام 2019!.
فما الذي دفع روسيا لغض الطرف عن التوغل التركي؟ ولماذا تصمت حتى اليوم على إخلال تركيا بتعهداتها السورية في سوتشي وأستانة؟ وأهمها تفكيك التنظيمات الإرهابية في إدلب وفتح الطرق الدولية؟
لعبت موسكو دور «الحكم» بين دمشق وأنقرة.. لكن هذا الحكم الذي يقاتل بشراسة ويراهن بكل دوره في المنطقة عبر القتال إلى جانب الحكومة السورية، يُخضع بعض أوراقه في سوريا للمقايضات السياسية الكبرى مع تركيا.
مع عودة الدفء إلى العلاقات بين موسكو وأنقرة عام 2016، قالت التحليلات إن بوتين يسعى لسحب تركيا من الحضن الأطلسي، والاتّفاق معه على مجموعة من المصالح الاقتصادية والسياسية والنفطية والأمنية.
فيما اعتبر بعض المتفائلين أن بوتين كان يوافق على عكل خطوة تركية على قاعدة «تأجيل الصدام».
لكن يبدو أن ما تفعله موسكو بالضبط هو «إدارة الخلافات» مع أنقرة بحكم المصالح المتبادلة.. وإذا كانت روسيا قد أدارت الخلافات من موقع قوة سابقاً، فقد أدت الحرب الأوكرانية إلى تراجع قدرة الكرملين على الضغط على تركيا في سوريا، بسبب الحاجة لضمان موقف تركي محايد في ملف أوكرانيا، وتفادي انخراط تركيا في أنشطة الأطلسي لتطويق روسيا ومعاقبتها واستنزافها.
أعطت دمشق دور «الضامن» لموسكو التي وقعت اتفاقات مع تركيا يفترض أن تضمن وحدة الأراضي السورية، وإنهاء التنظيمات الإرهابية على أراضيها.. لكن درب تحقيق هذه الاتفاقات مزروع بألغام المراوغة التركية والتراخي الروسي، لأن «يد القيصر لها خمسة أصابع فقط»!.
شاهد أيضاً: انفجارات وتصاعد للدخان.. ماذا يجري في أحد القواعد الأمريكية في سوريا ؟!