أمريكا في سوريا استعراض للعضلات لإبداء شيء من القوة ليس إلّا ؟!
ازدادت الخطوات الأمريكية في الأونة الأخيرة لإحداث تغيير جوهري في الخارطة العسـ.ـكرية في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، من خلال التعزيزات الكبيرة التي تم استقدامها والتجييش الإعلامي لهذه الإجراءات.
وفي ظل ما سلف، دفع إلى مزيد من التكهنات باقتراب عملية عسـ.ـكرية أمريكية وشيكة في سوريا، انطلاقاً من الأحداث التي شهدتها المنطقة في آذار الماضي، بدءاً من تعرض قاعدة أمريكية في سوريا لهجـ.ـوم صـ.ـاروخي، أودى بحياة جنـ.ـدي أمريكي وإصـ.ـابة آخرين.
في اليوم التالي للهجوم، شنّت طائرات حربـ.ـية أمريكية، أقلعت من قاعدة “العديد” في قطر، نحو 20 ضربة صـ.ـاروخية على مواقع عسكرية تتبع لـ”المقـ.ـاومة الشعبية”، ردّت عليها الأخيرة باستهداف القواعد الأمريكية بثماني مسيّرات من طراز “قاصـ.ـف 1″، في ما بدا أنه “جولة قتـ.ـالية” أشعلت الضوء الأحمر في واشنطن، وأنذرت بما يمكن أن يكون قراراً لدى حلفاء سوريا، بزيادة الضغوط على الأمريكيين.
تابعونا عبر فيسبوك
وممّا عزّز المخـ.ـاوف الأمريكية، ما كشفته تقارير سرّية صادرة عن “البنتاغون”، جرى تسريبها، حول “برامج تدريبية عسـ.ـكرية تديرها قوات إيرانية في منطقة حلب، لتدريب مجموعات سورية على زراعة وتوجيه العبـ.ـوات المتفـ.ـجّرة المضـ.ـادّة للمـ.ـدرّعات، فضلاً عن رصد تجريب العـ.ـبوات ضدّ آليات عسـ.ـكرية أمريكية، كالتي تستخدمها القـ.ـوات الأمريكية في شرق الفرات”.
بالتوازي مع ما تَقدّم، ازدادت بشكل لافت حـ.ـوادث الاحتكـ.ـاك العسـ.ـكري بين القـ.ـوات الأمريكية والروسية في شرق سوريا.
وكانت التوافقات التي خرجت بها لقاءات “أستانا”، بين طهران وموسكو وأنقرة، واجتماعات تطبيع العلاقات السورية – التركية، حول ضرورة خروج القـ.ـوات الأمريكية من سوريا، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية في مواجهة أي مشاريع انفصـ.ـالية، كـ”الحالة الكردية” في شرق الفرات، قد منحت اندفاعة لـ”مشروع” الضغط على الأمريكيين في الميدان، وكذلك في السياسة.
وعلى رغم وجود أسباب سورية موضوعية أصيلة، تدفع دمشق وحلفاءها إلى العمل على طـ.ـرد الأمريكيين من سوريا، إلا أن للعوامل الخارجية حصّتها الكبرى من تشكّل المشهد الجديد. ولعل أبرز تلك العوامل، تطورات الـ.ـحرب الأوكرانية، والانخراط الأمريكي الواضح والمتزايد فيها، حيث بات الطرفان، الروسي والأمريكي، يريان في أي ساحة يتواجدان فيها، أو حلفاؤهما، ساحة للتـ.ـنافس على توسيع نفوذ أحدهما على حساب الآخر.
وفي الحالة السورية بشكل خاص، وجد الروس أن التوقيت مناسب لممارسة الضغوط على الأمريكيين، وإحداث نوع من التوازن بين الميدانين الأوكراني والروسي. وهذا السياق، أكّده مساعد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيّة سابقاً، بول بيلار، الذي اعتبر أن “الاستـ.ـفزازات الروسيّة للقوات الأمريكية في سوريا على صلةٍ بالحـ.ـرب الأوكرانية، إذ يحاول الرئيس الروسي إضعافَ الموقف الأمريكي في أيّ تفاوضٍ بشأن أوكرانيا”.
أمام ما سبق، وجد الأمريكيون أنفسهم أمام تحدّي الحفاظ على النفوذ، وعرقـ.ـلة أي مسار قد يُفضي إلى حلول وانفراجات للأزمـ.ـة السورية، وذلك لعدم تقديم أي إنجاز للروس.
وهذا التوجّه الأمريكي نفسه، هو الذي يدفع إلى تشديد الحصار على سوريا، وعرقلة أي مسار تقارب سوري – عربي.
كذلك على الصعيد الميداني، وجدت القـ.ـوات الأمريكية نفسها في موقع المتعرّض للهجمـ.ـات والاستـ.ـفزازات، طوال الأشهر الماضية، ما دفعها إلى تدشين حملة لـ”تعزيز الردع أمام أعدائـ.ـها”.
وتكمن نقاط الضعف الأمريكية، في قلّة العدد، واقتصار العتاد على السلاح التقليدي والقصير المدى، وتفرّق الحلفاء، والفصل الجغرافي بينهم، وأيضاً تباعد المسافات بين القواعد الأمريكية، وصعوبة تأمين الطرقات الواصلة بينها.
وبناءً على ما تَقدم، كان من أبرز معالم “تعزيز الردع”، إرسال تعزيزات عسـ.ـكرية، احتوت على منظومة “هيمارس” للصـ.ـواريخ الموجّهة، ومنظومات للدفاع الجوي والحـ.ـرب الإلكترونية. كما عملت واشنطن، من دون أن تنجح حتى الآن، على تعزيز التواصل والتعاون بين حلفائها المحلّيين في سوريا، مثل “جيـ.ـش سوريا الحرة” المنتشر قرب قاعدة “التنف”، و”قسد” المنتشرة شرق الفرات.
ويجمع المراقبون العسـ.ـكريون على أن الحراك العسكـ.ـري الأمريكي الأخير في سوريا والعراق، ليس سوى حراك ردعي، لا يحمل علامات هجومية.
وهو ما تؤكّده مصادر عسـ.ـكرية سورية، قائلةً إنه “لا مؤشرات حول نوايا هجومية لدى الأمريكيين، بل إن إجراءاتهم دفاعية”، مضيفةً أن “لا إمكانية عملياتية لدى الأمريكيين لربط شرق الفرات في الشمال الشرقي، مع التنف في الجنوب الشرقي، حيث تفصل بينهما نحو 150 كم، كلها تقع تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه، وينتشر فيها آلاف المقاتلين”.
شاهد أيضاً : رئيس الأركان الأمريكي يتحدث عن قرار الانسحاب من سوريا