هل ستتحد أنقرة وطهران ضد “أكراد العراق” ؟!
في 11 آب، شنت تركيا سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة عبر الحدود في كردستان العراق ضد أهداف مزعومة لحزب العمال الكردستاني، وهي جماعة مسلحة تم تصنيفها كمنظمة “إرهــ.ابية” من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا نفسها.
وبحسب مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، “تشير الهجمات الأخيرة إلى صفحة جديدة في العلاقات بين أنقرة وطهران، واحتمال إبرام صفقة سرية جديدة للتعاون في تقويض الحكم الذاتي الكردي في العراق. إذاً، لا بد من التذكير بالتطورات السياسية الأخيرة في المنطقة لفهم سبب قيام تركيا مؤخرًا بتكثيف هجماتها في منطقة السليمانية القريبة من الحدود الإيرانية على وجه التحديد. ففي نيسان 2023، استهدفت أنقرة مطار السليمانية الدولي في غارة بطائرة مسيّرة، كما وإن الهجمات الأخيرة استهدفت أماكن مكتظة سكانياً. منذ إنشائها، انقسمت كردستان العراق سياسياً بين حزبين حاكمين متنافسين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. ومن أجل الحفاظ على سياسات القوة الخاصة به، وخاصة خلال الحرب الأهلية الكردية من عام 1994 إلى عام 1998، أقام الحزب الديمقراطي الكردستاني علاقات وثيقة مع أنقرة. في المقابل، وقف الاتحاد الوطني الكردستاني إلى جانب طهران، على الرغم من أن هذه العلاقات تعود إلى أبعد من ذلك”.
وتابع الموقع، “نتيجة للحرب الأهلية، أصبح لأنقرة وطهران تأثير كبير على السياسة الكردية في العراق، وأصبحت السليمانية التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني محط الأنظار، حيث حاولت طهران منذ فترة طويلة مواجهة نفوذ أنقرة وتوسعاتها في المنطقة. في غضون ذلك، قامت أنقرة بالشيء عينه في محافظتي دهوك وأربيل الخاضعتين لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني. وعلى الرغم من أن تركيا وإيران عدوان، إلا أن التنافس بينهما لم يصل أبدًا إلى صراع مباشر، عوضاً عن ذلك، قاتل البلدان بشكل رئيسي من خلال قوات بالوكالة في صراعات غير مباشرة”.
وأضاف الموقع، “تحاول أنقرة محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق كجزء من حربها بالوكالة من خلال دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني لاستخدام القوة العسكرية ضدهم. كان حزب العمال الكردستاني ذات يوم بمثابة قناة للضغط على تركيا، بسبب اتفاق غير رسمي بين مجموعة إيرانية مؤيدة لحزب العمال الكردستاني تُعرف باسم PJAK “حزب الحياة الحرة الكردستاني”. ومع ذلك، يبدو ذلك أقل أهمية اليوم، فهجمات أنقرة المتزايدة في مجال نفوذ طهران خير دليل على أن قوة المنافسة الإقليمية بين إيران وتركيا قد ضعفت مع نمو العلاقات الاقتصادية”.
وتابع الموقع، “لقد كانت احتياجات تركيا من الطاقة وموارد النفط والغاز الطبيعي الهائلة في إيران محركات مهمة للتعاون التركي الإيراني المتزايد في العقد الأخير. ونظراً لاعتمادها على الطاقة الإيرانية، وخاصة الغاز الطبيعي، ستسعى أنقرة إلى الاحتفاظ بدرجة من المرونة في ما يتعلق بسياستها تجاه إيران. لدى تركيا مصلحة جدية في منع العلاقات مع إيران من التدهور بشكل سيئ للغاية وفي عدم اتخاذ إجراءات يمكن أن تعطي طهران ذريعة لزيادة دعمها لحزب العمال الكردستاني. من جهة أخرى، شنت إيران سلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة في عمق محافظة أربيل، حيث ينتهي مجال نفوذ أنقرة الممتد من منطقة دهوك. وفي عام 2022، شهدت الهجمات الإيرانية تصعيداً خطيراً. إذاً، من الصعب تصديق أن القوتين الإقليميتين يمكن أن تتدخلا بشكل علني في منطقة متنازع عليها مثل كردستان العراق دون أي نوع من الاتفاق”.
وبحسب الموقع، “في آذار 2022، شن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني هجوماً صاروخياً على أربيل، مستهدفاً مقراً مزعوماً للموساد في المحافظة، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام إيرانية رسمية.
تابعنا على فيسبوك
وفي تشرين الثاني من العام نفسه، شن الحرس الثــ.وري مرة أخرى عدة هجمات على بلدة كويا في أربيل بطائرات مسيّرة انتحارية وصواريخ ضد مقر الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني، مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى.
وحذر المسؤولون الإيرانيون الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان مراراً وتكراراً من ضرورة نزع سلاح الجماعات الإيرانية الكردية، وهددوا بشن هجوم عسكري في عمق أراضي الإقليم إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء”.
وتابع الموقع، “في منطقة الشرق الأوسط المنقسمة بالفعل، هناك شيء واحد تتفق عليه الآن معظم الدول الإقليمية المتنافسة وهو أن استقلال كردستان فكرة سيئة. وينطبق هذا بشكل خاص على تركيا، التي يبلغ عدد سكانها الأكراد 15 مليون نسمة، ويشكلون ما بين 15% إلى 20% من سكان البلاد. وفي الوقت الحالي، توصلت أنقرة وطهران إلى استنتاج مفاده أن إقامة منطقة حكم ذاتي كردية في أي مكان في العالم، ولكن بشكل خاص في مكان مثل العراق، من شأنه أن يشجع حركات الاستقلال الكردية في كل مكان. ويعتبر كلا البلدين أن تداعيات إقامة مثل هذه الدولة الكردية العراقية غير مقبولة”.
وأضاف الموقع، “تواجه تركيا وإيران بالفعل حركات كردية قومية خاصة بهما، وبعضها مسلح مثل حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. وتحتفظ كلتا المجموعتين بعدد كبير من القواعد في الأراضي الكردية العراقية. واتهمت طهران الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بإثارة الاحتجاجات التي عمت البلاد لعدة أشهر بسبب وفاة امرأة كردية أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية. وفي العام الماضي، ادعى جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، أنه تم تهريب الأسلحة من المنطقة الكردية العراقية إلى أحزاب المعارضة الكردية في إيران، وهو ادعاء نفته حكومة إقليم كردستان لاحقاً”.
وختم الموقع، “ستكون المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي نموذجاً لأولئك الذين يقاتلون من أجل تحرير الأجزاء المتبقية مما يعرف باسم كردستان، والتي تم تقسيمها منذ فترة طويلة بين العراق وإيران وتركيا وسوريا. وكانت الحكومات، ولا تزال، خائفة من أن تؤدي أي تنازلات للمطالب الكردية إلى مزيد من المطالب بالاستقلال. لذلك، من وجهة نظر أنقرة وطهران، لا بد من تحقيق منطقة كردية عراقية تابعة أو ضعيفة”.
شاهد أيضاً: روسيا تعلن تدمير 4 زوارق أوكرانية