ماذا يعني “إلغاء محاكم الميدان العسكرية” في سوريا على الصعيد العربي والإقليمي ؟!
في ضوء الحراك السياسي والدبلوماسي للدولة السورية مع محيطها العربي والإقليمي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد خلال الأيام الماضية موسوماً يقضي بـ”إنهاء العمل بمرسوم سابق” كان ضمن دستور البلاد منذ عام 1968.
وبحسب المرسوم الجديد، يُنهى العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17 آب 1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية.
وقال مراقبون إن هذه الخطوة تعبر عن تطور واسع وكبير في سياق انتهاء العمليات العسكرية في سوريا، فيما يعد تمهيداً مهماً لعملية المصالحة السياسية، خاصة وأن “قوى المعارضة” طالما أعلنت رفضها لهذه المحاكم.
وبحسب محللين سياسيين، فإن “المحاكم الميدانية العسكرية هي ُفعل في ظروف الحرب والقتال، حيث يتطلب الأمر الحفاظ على انضباط الوحدات القتالية عبر إجراءات قضائية تضمن التماشي مع الظروف الخاصة التي تقتضيها الحرب والأعمال القتالية”.
تابعونا عبر فيسبوك
وأضاف المحللون، تتمتع المحاكم العسكرية بسلطة محاكمة مجموعة واسعة من الجرائم العسكرية، والتي يشبه الكثير منها الجرائم المدنية مثل الاحتيال أو السرقة أو شهادة الزور، إضافة إلى البعض الآخر من الجرائم العسكرية البحتة مثل الجبن والفرار والعصيان، وتعمل هذه المحاكم في غالبية دول العالم في ظروف الحرب.
وفي سوريا أُنشئت هذه المحكمة منذ نحو خمسين عاماً، وتضمّن قانون إحداثها أنها تعمل في ظروف الحرب أو العمليات الحربية، وفقاً للمحللين.
ويرى المحللون، أن إلغاء محاكم الميدان العسكرية هو “تطور إيجابي في أكثر من اتجاه، فهو يدل على أن حالة الأعمال القتالية التي صاحبت الحرب على سوريا قد انتهت عملياً أو أنها في طور الانتهاء، وهو ما تشير إليه مجموعة من المراسيم الأخرى التي صدرت في الأسابيع الأخيرة، والتي تضمنت تسريح أعداد لا يستهان بها من المقاتلين المحتفظ بهم، والذين تم استدعاؤهم للاحتياط”.
كما أنها تأتي على طريق إلغاء المحاكم الاستثنائية في سوريا، وهي خطوة كان قد سبقها إلغاء محكمة أمن الدولة العليا منذ سنوات، وهي المحكمة التي سبق إنشاؤها هي الأخرى في الستينيات من القرن الماضي، بحسب ما قاله المحللون.
واعتبر المحللون، أن “القرار جاء في وقت مناسب، حيث لم يعد هناك حاجة لتلك المحاكم التي سبق تدشينها بسبب الاضطرابات الداخلية في سوريا، خلال الفترة السابقة، لكن الآن وصلت البلاد إلى بر الأمان، واجتازت المؤامرة الأمريكية الغربية التي كانت تريد الإطاحة بالدولة وهدم النظام القائم، وفرض آخر موالٍ لها”.
وأكدوا على أن هناك الكثير من التداعيات التي تحيط بهذه الخطوة المهمة، أبرزها “تمهيد طريق التسوية السياسية في سوريا، حيث من الممكن أن يمهد القرار لمصالحة كبرى مع المعارضة وجمهورها، والتي كانت تعترض سابقاً على أي مساع للصلح بسبب وجود هذه المحاكم العسكرية والتي كانت تعرقل الاتفاق”.
وأشار المحللون إلى أن إلغاء العمل بهذه المحاكم “خطوة في الاتجاه الصحيح”، بعد أن أصبحت سوريا لا تحتاج لهذه المحاكم في الوقت الراهن، بل يمكنها فتح صفحة جديدة على طريق المصالحة والتسوية السياسية في دمشق.
وبحسب مرسوم الرئيس السوري، “تُحال جميع القضايا المحالة إلى محاكم الميدان العسكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها، وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /61/ لعام 1950 وتعديلاته”.
شاهد أيضاً : تقرير أمريكي.. لماذا سيضطر أردوغان إلى مصالحة الرئيس الأسد؟