لهذا السبب اتفقت تركيا واليونان على تجميد الصراع ؟!
عندما أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مؤتمر صحفي مع نظيره اليوناني جيورجوس جيرابيتريسيس، يوم الثلاثاء، أن تركيا دخلت حقبة جديدة وإيجابية مع اليونان، لم يصدق الكثيرون في أثينا ذلك.
وبحسب موقع “Middle East Eye” البريطاني، “نظراً لكون البلدين جارتين وخصمين تاريخيين على مدار القرن الماضي، فقد شهدت تركيا واليونان أحيانًا أحداثا كان من شأنها أن تتطور إلى شبه صراع تخللها بعض التعاون على مدار العقود الماضية. ومع ذلك، اقتربت العلاقات بين البلدين من حرب ساخنة محتملة في عام 2020، عندما اصطدمت السفن الحربية التركية واليونانية والتي تم إرسالها لرسم خارطة بتفاصيل منطقة بحرية للتنقيب المحتمل عن النفط والغاز، وهي منطقة تدعي كل من تركيا واليونان خضوعها لولايتها”.
وأضاف الموقع، “تراجعت حدة التوترات في العلاقة بعد أن التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في آذار 2020 في إسطنبول، حيث قرر الجانبان تهدئة الأجواء قبل الانتخابات الوطنية في كلا البلدين، ووعدا بعدم استخدام الطرف الآخر خلال الحملة كوسيلة لجمع الأصوات. وفي أيار من العام الماضي، شعر أردوغان لاحقاً بالخيانة من ميتسوتاكيس عندما انضم إلى حملة لمنع الطائرات العسكرية الأميركية من الوصول إلى تركيا خلال خطاب ألقاه أمام الكونغرس الأمريكي”.
وأضاف الموقع، “حينها بدأ أردوغان يكرر الجملة التالية “سوف نتحرك بين ليلة وضحاها” في كل مناسبة، مهددًا جارته بالغزو، رغم أن أحداً لم يصدقه في الداخل. لكن الآن، قالت مصادر تركية ويونانية مطلعة للموقع إنهم يتوقعون إحراز تقدم حقيقي في إصلاح العلاقات”.
وقال مصدر تركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: “عندما نقول تقدم، يعتقد الناس أننا سنحل كل شيء بين ليلة وضحاها. لكن الأمر يتعلق أكثر بتطبيع العلاقة قبل أن نتمكن من الحديث عن النزاعات المستمرة منذ عقود”.
وبحسب الموقع، “لدى تركيا واليونان مجموعة من القضايا، بدءًا من حجم المياه الإقليمية، إلى المجال الجوي والمناطق الاقتصادية الخالصة، وحتى الأقليات. وقال مصدر يوناني: “علينا أن نهدأ وبعد ذلك سنرى، نحن متفائلون. يمكننا أن نجد العديد من مجالات التعاون، ولسنا بحاجة للحديث عن الخلافات العالقة”. وقال مصدر يوناني آخر ممازحا إن الارتباطات المنتظمة يمكن أن تكون بمثابة تحديث كبير، بعد أن كان كل ضابط عسكري يوناني يستيقظ في الصباح مع فكرة أن تركيا يمكن أن تغزو في أي لحظة البلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية”.
وأوضح المصدر: “نحن دولة صغيرة، وتركيا دولة كبيرة لديها الكثير من الإمكانيات. نحن نكترث لأي خطوة صغيرة تتخذها تركيا، والتي عادة لا تعني أي شيء”.
وتابع الموقع، “لدى كلا الجانبين حافز أكبر لإصلاح هذه العلاقة المقطوعة بعد انتخابات هذا العام، والتي أعادت فيها الدولتان انتخاب قادتيهما القوميين اليمينيين”.
تابعونا عبر فيسبوك
ويرى كثيرون في أثينا أن فيدان، رئيس المخابرات التركية السابق، قد منحهم خبراً جيداً بشأن العلاقات التركية اليونانية.
وقال مصدر تركي آخر: “فيدان يجد حلاً للمشاكل. كان بإمكانه أن يتصرف بعدوانية، لكنه قرر أن يقوم بالعكس”. لكن الدافع الرئيسي لكلا الجانبين هو الديناميات الإقليمية المتغيرة. قبل عامين، كانت أنقرة تشعر بأنها محاطة بتحالف يوناني وقبرصي وإسرائيلي ومصري ناشئ في شرق البحر الأبيض المتوسط، بدعم من واشنطن.
وقال المصدر اليوناني الثاني مازحاً: “كان هذا من صنع أنقرة، ولا علاقة لنا به”.
وبحسب الموقع، “إن موقف أنقرة الآن هو أفضل أمام أثينا، فقد أصلحت علاقاتها مع إسرائيل ومصر، ويبدو أن العلاقات مع واشنطن تسير على الطريق الصحيح بعد الاتفاق على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وكجزء من الصفقة، تستعد تركيا للحصول على العشرات من طائرات إف-16 من خلال الكونغرس الأمريكي، مع حصول أثينا أيضاً على طائرات مقاتلة من الجيل الخامس من طراز إف-35 في الحزمة عينها. ولدى تركيا حوافز أخرى أيضاً، فيريد أردوغان إحياء مسار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لجذب المستثمرين الغربيين مرة أخرى، كما ومن الممكن أن يساعد تحسين العلاقة مع اليونان في تحقيق ذلك”.
وتابع الموقع، “قال المصدر التركي الأول: “نحن ندرك أن حل القضايا الثنائية العالقة مثل المجال الجوي أو المناطق الاقتصادية الخالصة سيستغرق وقتا طويلا للغاية، وليس من الواضح ما إذا كان بإمكاننا القيام بذلك على الإطلاق”.
وأضاف: “ما يمكننا فعله هو الاتفاق على الاختلاف حول تلك القضايا وتجميدها، وبالتالي وقف التصعيد”.
وتتفق المصادر اليونانية مع هذا التقييم.
وتابع المصدر: “من ثم قد نتحدث عن هذه القضايا في المستقبل، بعد بناء الثقة”.
وأضاف الموقع، “لهذا السبب أعلن وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابيتريسيس هذا الأسبوع أنه سيتم عقد مجلس تعاون رفيع المستوى بين البلدين قبل نهاية عام 2023، وهو أول اجتماع من نوعه منذ سبع سنوات. ومن المتوقع أيضاً أن يلتقي أردوغان وميتسوتاكيس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر في نيويورك.
وقال المصدر اليوناني الثاني: “في العمق، يحب الأتراك واليونانيون بعضهم البعض، لأنهما شعبان متشابهان عاشا معاً لعدة قرون، ويتقاسمان المطبخ والثقافة عينها”.
شاهد أيضاً: تركيا منزعجة من أمريكا.. السويد تزيد الطين بلة ؟!