آخر الاخباررئيسيسياسة

الصين تبتعد عن سياسية “الحذر” مع سوريا

خلال السنوات الماضية، راقب كثيرون موقف الصين بحيرة، إذ حافظت الصين على موقف سياسي داعم للدولة السورية، واستخدمت 8 مرات حق النقض «الفيتو» ضدّ مشاريع قرارات دولية تستهدف سوريا وحكومتها.

لكن، في المقابل، لم يُرصد أي تحرّك فعلي، لا على المستوى العسكري ولا الاقتصادي ولا الإنساني (إلا النزُر القليل في هذا المجال الأخير)، لجمهورية الصين على الأرض السورية.

وتقول صحيفة الأخبار إن إيران بشكل خاص، اضطلعت بدور داعم للحكومة السورية على المستوى الاقتصادي، بدءاً بالقروض النقدية، وليس انتهاءً بالخط الائتماني، الذي تزوّدت عبره دمشق ــــ ولا تزال ــــ بمختلف أنواع المحروقات الإيرانية، في ظلّ الحصار الغربي المفروض على السوريين، والاحتلال الأمريكي لمنطقة شرق الفرات الغنية بالموارد النفطية.

ومع انتهاء الحرب بشكلها «الخشن»، وخمود الجبهات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، تحوّل اهتمام الحكومة السورية، وحلفائها أيضاً، إلى البحث عن سبل ترميم ما خرّبته الحرب، في البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ووجدت دمشق، ولمست لمس اليد، أن حليفتَيها البارزتين، إيران وروسيا، غير قادرتين على النهوض بالعبء الاقتصادي، وخصوصاً الملفّ الثقيل المتمثّل في إعادة الإعمار بمختلف تفرّعاته، حيث تبلغ كلفته عشرات مليارات الدولارات، في أكثر الأرقام تفاؤلاً.

تابعونا عبر فيسبوك

بناءً على ما سبق، عاد الحديث عن العلاقات السورية – الصينية، وإمكانية أن ينسحب الدعم الصيني السياسي لدمشق، على المستوى الاقتصادي، خصوصاً أن الصين من الدول القليلة في العالم، التي تمتلك القدرة على الانخراط في حملة ضخمة لإعادة إعمار سوريا.

في المقابل، لطالما أُخذ على الصينيين عدم امتلاكهم برنامج عمل واضحاً يخصّ دول شرق المتوسط، وبالتحديد سوريا ولبنان وفلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة).

ولطالما سأل المسؤولون السوريون، ومسؤولون في دول أخرى قريبة من دمشق، نظراءهم الصينيين عن حقيقة موقف بكين وبرنامجها بخصوص سوريا، ولطالما كانت إجابات هؤلاء الأخيرين تنحصر بالمستويين السياسي والأمني، خصوصاً لناحية اهتمام الحكومة الصينية بالمقاتلين «الإيغور» الذين تواجدوا – ولا يزال عدد منهم – في شمال سوريا، وتحديداً في ريفَي حلب وإدلب.

اليوم، تأتي زيارة الأسد للصين، في ظلّ ميلٍ صار ملموساً لدى بكين، نحو العمل على تعزيز نفوذها الدبلوماسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، بالتزامن مع عودة سوريا إلى «الجامعة العربية»، وانطلاق مسار خروجها من عزلتها الإقليمية.

ومن الناحية السورية، تمثّل هذه الزيارة خطوة متقدّمة لدمشق في اتجاه إنهاء عزلتها الدبلوماسية الدولية، التي رعتها واشنطن لسنوات.

وفي حين أن دعوة الأسد إلى بكين تشكّل تطوّراً مهمّاً في أداء الصين في المنطقة على مستوى توسيع النفوذ السياسي والاقتصادي، فإنها في حال تُرجمت عملياً، ستشكّل نقطة تحوّل كبيرة بالنسبة إلى سوريا التي ترزح تحت ضغط العقوبات والحصار الغربي، وتعاني من احتلال أميركي لا يبدو انسحابه وشيكاً من شرق الفرات.

كذلك، فإن هذه الخطوة لا تبدو بعيدة بأي شكل، عن كون سوريا ساحةً لتصارع القوى الدولية، وخصوصاً الولايات المتحدة وإيران وروسيا المنشغلة بالحرب الأوكرانية، والتاركة وراءها فراغاً قد تشعر الصين برغبة في ملئه.

شاهد أيضاً: بعد الأمريكية.. اتصالات أوروبية بالشيخ حكمت الهجري

زر الذهاب إلى الأعلى