“الأسد في الصين”.. صحيفة تكشف عن “رسائل قوية” للغرب !
علقت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية على الزيارة الأخيرة للرئيس السوري وزوجته إلى الصين.
وقالت الصحيفة: “في سياق مساعيها لتعزيز دورها على الساحة العالمية عموماً، وبالشرق الأوسط خصوصاً، تنتهج الحكومة الصينية نهجاً دبلوماسياً يهدف لإبراز حضورها السياسي والاقتصادي، وتطوير علاقات مع دول عانت من سنوات الحرب والعزلة، كحال سوريا.. في المقابل، تسعى سوريا إلى كسب دعم دول حليفة لمرحلة إعادة الإعمار بعد مرور 12 عاماً على تفجر صراع دمَّر بُناها التحتية، وفرض عقوبات اقتصادية غربية لطالما اعتبرتها دمشق سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها”.
وأضافت “في خطوة تسهم بتحطيم عزلة دمشق الدبلوماسية، وجّهت بكين دعوة رسمية للرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته لحضور افتتاح “دورة الألعاب الآسيوية” في نسختها التاسعة عشرة بمدينة هانغتشو الصينية، أمس السبت. وكانت هذه أول زيارة للرئيس السوري إلى الصين منذ عام 2004، ولفتة يراها مراقبون فرصة لإحداث نقلة جديدة في العلاقات الثنائية”.
ويرى الدكتور “نبيل سرور”، أستاذ العلاقات الدولية والباحث في الشؤون الصينية، أن الاهتمام الذي حظيت به زيارة الأسد للصين يجيء في إطار اهتمام الصين بالمنطقة ككل.
وأوضح سرور، في حديث لـ”وكالة أنباء العالم العربي”، أن إرسال الصين طائرة خاصة إلى دمشق كي تُقلّ الرئيس السوري، والوفد المرافق له إلى أراضيها، يحمل في طياته رسالة بالتحرك لكسر القيود الغربية والعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، لافتاً إلى حجم الاستقبال الرسمي هناك.
واعتبر سرور ذلك رسالة صينية أيضاً بالرغبة في تأمين حُلفاء جدد وتحقيق مصالح على المستويين السياسي والاقتصادي، ويرى أن للزيارة دلالات كبيرة.
وواصل حديثه قائلاً إن سوريا يمكن أن تستفيد كثيراً من الصين “التي تُعرف بأنها جبّار تكنولوجي يمتلك إمكانات ضخمة”، مشيراً إلى أن الاستثمارات المشتركة تتيح تحقيق هذه الفائدة.
وتابع: “صحيح أن الصين تنظر للمنطقة بعين مصالحها، لكن في الوقت نفسه يمكن لسوريا الاستفادة من خلال إشراك الصين بمجموعة من المشروعات الداخلية في البُنى التحتية والإنشاءات وإعادة الإعمار، لأن الدمار الذي خلفته الحرب في سوريا كبير جداً ويحتاج لجهد كبير”.
إلى ذلك، يرى أنه من المفيد للصين إيجاد موطئ قدم في سوريا التي لديها “موقع استراتيجي شكّل نقطة جذب لعدد من الدول”.
ويعتقد سرور أن الخيار السوري بالتوجه إلى الصين “خيار جريء كان لا بد منه لعدم وجود خيارات بديلة”، مشيراً إلى أن روسيا تستهلك مواردها في الحرب ضد أوكرانيا، “ومن ثم فإن التطلع نحو الصين قد يكون خطوة ذكية من قِبل دمشق”.
وعن نتائج الزيارة يقول: “يتوجب الانتظار أربعة أو خمسة أشهر حتى نبدأ نلمس تغييراً ما. حتى مسألة قدوم الصين إلى سوريا بشركاتها ومستثمريها تحتاج إلى بيئة آمنة، بينما سوريا حالياً غير مستقرة”.
وأضاف: “عادةً يقال إن رأس المال جبان ويحتاج إلى أمان واستقرار”.
تابعنا عبر فيسبوك
ويعتقد حسين العسكري، المحلل الاقتصادي والاستراتيجي بـ”معهد شيلر الدولي”، أن زيارة الأسد إلى الصين يمكن أن تشكّل “ثغرة في جدار العقوبات على سوريا”.
وهو يرى أن وجود كتلة اقتصادية ومالية عالمية تشمل روسيا والصين وبقية دول “بريكس” و”منظمة شنغهاي” التي تضم أيضاً إيران ودولاً كبيرة أخرى جعل لهذه الدول آلية خاصة للتمويل والتجارة والعلاقات الاقتصادية تُستخدم فيها العملات المحلية، ما يجعلها تتصرف بطريقة مختلفة دون أن تخشى العقوبات الأمريكية أو الأوروبية.
وأضاف العسكري، في حديث، لـ”وكالة أنباء العالم العربي”، أن الصين تنظر إلى سوريا بوصفها محوراً أساسياً ضمن خطة “الحزام والطريق”، كونها المحطة النهائية في أهم الممرات من الصين إلى غرب آسيا، وصولاً إلى البحر المتوسط.
في المقابل، تحمل الصين أهمية لسوريا، “نظراً لإمكانياتها الكبيرة في موضوع إعادة الإعمار، خاصة أنها أثبتت نجاحات في دول أخرى”، وفقاً للعسكري.
وهو يرى أنه يمكن لسوريا أن تستفيد من الصين على المدى القريب، من خلال الحصول على تمويل مالي أو تجهيزات، وأيضاً عبر دخول الصين في مشروعات إعادة إعمار البنى التحتية والمصانع، وخصوصاً مصانع الأسمنت والحديد، التي تُعدّ أساسية في إعادة بناء ما تهدَّم خلال الحرب.
أما على المدى البعيد فقد نوّه العسكري بأن تطور العلاقات بين البلدين يمثل تحولاً استراتيجياً مهماً، خاصة أن سوريا باتت قادرة على لعب دور كبير، حال دخولها “منظمة شنغهاي” مستقبلاً.
واعتبر فيصل العطري، خبير الشؤون الاقتصادية السورية الصينية، ورئيس الجالية السورية في الصين، أن لهذه الزيارة أهمية خاصة، ليس لسوريا فحسب، بل لكل دول العالم الثالث، لأنها تحمل رسائل قوية بأن العالم قد “ضجر” من السياسات الأمريكية.
وأضاف: “سفر الرئيس وعائلته على متن الطائرة الصينية حمل رسائل واضحة بأن سوريا قررت كسر الحصار وعلى أعلى المستويات، وأن الصين تراقب ما يجري بعين حمراء”.
أما على المستوى الاقتصادي، فأمام سوريا فرصتان، وفقاً للعطري، “الأولى تتجلى بالاستفادة من المزايا والاستثمارات التي تمنحها الصين دول الحزام والطريق، والثانية أن الصين تتخلى عن بعض صناعاتها التي فقدت تنافسيتها بسبب ارتفاع تكلفة اليد العاملة فيها”.
وتساءل: “مَن أفضل من حلفائها للتخلي لهم عن تلك الصناعات؟”.
وأضاف، في حديث، لـ”وكالة أنباء العالم العربي”: “مستوى التعاون الاقتصادي بين الصين وسوريا لا يرقى لمستوى العلاقات الدبلوماسية المتطورة جداً، لذا وضع سعادة السفير السوري في الصين محمد حسنين خدام نصب عينيه تطوير هذه العلاقات لترتقي لمستوى قريب للعلاقات السياسية”.
ومضى قائلاً: “الزيارة ستقدم كثيراً لسوريا وللصين، خصوصاً أنه تسرَّب أن الاجتماعات كانت أكثر من إيجابية. التعاون الصيني السوري يعني كثيراً، فسوريا إحدى نهايتي طريق الحرير البري، والصين ترغب بأن تعيد بناء سوريا لتكون أمثولة وتجسيداً لصورة الصين الحديثة”.
شاهد أيضاً: حزب لبناني يدعو إلى تطبيق “مناعة القطيع” مع اللاجئين !