بين ندرة المازوت وأسعار التحطيب.. أهالي طرطوس يبحثون عن الحل قبل الشتاء
لونا شعبان: “أم خالد” امرأة ستينية تعيش مع ابنتيها في حي الرادار ضمن مدينة طرطوس؛ ستلجأ خلال الشتاء القادم للتدفئة عن طريق البطانيات لعجزها عن رحلة البحث على وقود للمدفأة فالرحلة مُكلفة ولن تجدي نفعاً ونهايتها البرد في جميع الحالات، قائلة “ما بيدفّي عضامك إلا حرامك”.
إنّها الحكاية المتكررة كل شتاء للبحث عن مازوت التدفئة وتبدأ مع بداية شهر أيلول حيث تم التسجيل على الدفعة الأولى من المازوت وهي 50 ليتر لكل بطاقة ذكية بسعر يبلغ 2000 ليرة سورية لكل ليتر؛ أي بمعدّل 100 ألف ليرة سورية للنصف الأول من المخصصات وطبعاً نحن نتحدث عن سعر الليتر المدعوم فقط.
مشوار التوزيع
مع بداية شهر أيلول بدأ توزيع مادة مازوت التدفئة من قبل مؤسسة سادكوب وبهذا الإطار يقول “آصف حسن” عضو مكتب تنفيذي في محافظة طرطوس لقطاع النقل: “إن هناك خطة شهرية لمادة المازوت؛ حيث تتم عملية التوزيع حسب الأهمية للمشافي والأفران ثم توزّع الكميّة الباقية للمياه والهاتف والنقل والتدفئة والزراعة”، وصرّح بأنّه يتم التوزيع بدءاً من الريف الأشد برداً لمحافظة طرطوس.
وأضاف “حسن” أن وضع محروقات التدفئة هذا الشتاء سيميل إلى التحسّن بشكل ملحوظ، وقال: “نحن بالطبع نأمل ذلك لأنه في ظلّ ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور والرواتب لا يستطيع كل المواطنون الاعتماد على المازوت بالتدفئة”.
وأكّد “جورج حنّا” عضو المكتب التنفيذي للمحافظة المسؤول عن المحروقات؛ أنّه تم توزيع ما يقارب 95 بالمئة في مشتى الحلو والشيخ بدر وريفي القدموس والدريكيش.
تابعونا عبر فيسبوك
تفصيليّاً يتابع “حنّا” بأنه يوجد ثلاثة طلبات كل يوم من مازوت التدفئة؛ يتم توزيعها في أنحاء المحافظة باستثناء يوم الجمعة تصل إلى أكثر من أربعة طلبات.
وبحسبة أرقام يظهر أنه إذا تم الاعتماد على المازوت في التدفئة؛ ستحتاج كل أسرة إلى 5 ليتر يوميّاً -هذا في حال الإدارة والتوفير بالاستخدام- بالتالي كل هذا البحث والانتظار لتدفئة تكفي 10 أيام فقط من أيام الشتاء!
ما هو البديل؟
لا تخلو الحارات في طرطوس من دخانٍ مدفئة الحطب؛ حيث يتجّه إليها الأشخاص ذو الطبقة الأقل مخمليّة من أصحاب مدافئ المازوت، فأصبحت ظاهرة الاحتطاب النار الثانية التي تتلوّى بها هذه المحافظة، وعدا عن المضار الصحيّة والتنفسية لهذه الوسيلة إلا أنها تحوي جوانب أخرى من الضرر البيئي.
وأوضح الدكتور ” فادي ديوب ” مدير الحراجية في محافظة طرطوس لكيو ستريت؛ أن التحطيب هو ظاهرة تأتي بالدرجة الثانية بالخطورة على الغابات لأنها تحكم بالموت على الأشجار والنباتات ولا يزيدها خطورة سوى الحرائق التي تُنهي جميع الكائنات المرافقة للأشجار، وما يترتب على ذلك من ضياع الجهود المبذولة لعشرات السنين للمحافظة على الحراج، بوصفها ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وما يرافق ذلك من كوارث تنعكس حكماً على المجتمع المحلي متمثلاً بزوال الغطاء الأخضر وتدهور البيئة.
وزادت هذه الظاهرة كثيراً في السنوات الأخيرة نتيجةً للظروف التي تمر بها البلاد، وارتفاع أسعار المحروقات اللازمة للتدفئة، وجشع البعض من الذين يستغلون الظروف المعيشية وارتفاع الأسعار ليحققوا ربحاً بطرق غير مشروعة ومنها تجارة الحطب وبيعها عن طريق التهريب بسعرٍ مضاعف بلا رادعٍ من ضمير.
بديل غالي الثمن!
يؤكد الدكتور “ديوب” أنّه قد بلغ سعر الطن الواحد من الحطب وفق تسعيرة وزارة الزراعة 500 ألف ليرة سورية، تعتمد على ما يتم إنتاجه من أعمال فرق التربية والتنمية التي تتدخل في الغابات والمواقع الحراجية بهدف تربيتها وتحسينها، وإزالة الأشجار المريضة واليابسة والهدف هو التربية والتنمية لهذه المواقع وليس الهدف اقتصادياً.
ولكن هذا المبلغ هو السعر الذي توفرّه وزارة الزراعة لطن واحد من الحطب يكفي لعشرين يوماً من البرد لا غير.
أما عن التعديّات فصرّح الدكتور “ديوب” لكيو ستريت أن عدد الضبوط الحراجية المسجلة حتى تاريخه أقل من السنة السابقة، وهذا يُظهر بشكل واضح أن المواطنين لم يعد بإمكانهم الاعتماد على هذا البديل كما قبل؛ بسبب ارتفاع سعره أولاً وأضراره الصحية بالمرتبة الثانية وليس العكس، لأننا اليوم نبحث عن أي وسيلة أخف تكلفة للدفء.
بدائل مستحدثة للتدفئة
اليوم يتجه الأهالي إلى مخلفات معاصر الزيتون من خلال تصنيع (العرجون) وتحويله إلى مواد قابلة للاشتعال، وهي ظاهرة بدأت تلقى رواجاً في مجتمعنا علينا الاعتناء بها وتفعيلها، بالإضافة إلى مخلفات تقشير ( الجوز واللوز والفستق الحلبي) من المحافظة أو المحافظات المجاورة، وهو أيضاً أكثر وفرة اقتصادية مقارنة بالأحطاب وأسعارها
وكما قالت “أم خالد ” إنّ البطانيات هي الوسيلة الأخف والأوفر في وضع اقتصادي صعب على الكثير من المواطنين وما هي إلا بواحدة منهم.
شاهد أيضاً: سوريا.. قرار خاص بالبضائع الواصلة للموانئ !