آخر الاخباررئيسيسياسة

«غزّة الكبرى».. دولة المنكوبين على أرض سيناء !

مخطط قديم.. عمره من عمر النكبة، تسعى “إسرائيل” لتحقيقه منذ عام 1948، عُرِض على جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي.. وعُرِض أيضاً على عبد الفتاح السيسي، فمن قبل منهم؟ ومن رفض؟ وهل يصبح أمراً واقعاً بعد “طوفان الأقصى” ؟

ساعات مضت على هجوم الغزاويين على مستوطنات غلاف القطاع، قبل أن تبتلع «إسرائيل» الصدمة، وتبدأ الردّ بعنف كبير، مع التلويح بعصا تهجير سكان غزة إلى مصر.

كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين، ريتشارد هيشت، نصح الفلسطينيين الفارّين من الغارات الجوية بالتوجه إلى سيناء.

الصحفي الإسرائيلي المقرّب من الموساد إيدي كوهين دعا سكان غزة للهروب إلى مصر والنجاة بحياتهم.

وتحدّث في تغريدة على منصة إكس عن فكرة “توطين الفلسطينيين في سيناء مقابل حذف ديون مصر”.

نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، داني أيالون، وفي مقابلة على قناة الجزيرة قال حرفياً: “توجد مساحات لا نهاية لها تقريباً في صحراء سيناء ويمكن للفلسطينيين أن يتركوا غزة إلى تلك المساحات المفتوحة حيث سنعدّ نحن والمجتمع الدولي البنية الأساسية ومدن الخيام وسنمدهم بالماء والغذاء”.

إذا كنت تعتقد أن الدعوة لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء جديدة، ووليدة الغضب الإسرائيلي، نتيجة الضربة الموجعة التي تعرّضوا لها في السابع من أكتوبر، فأنت مخطئ!.

الحكاية بدأت قبل 70 سنة.. في تلك الفترة كان جمال عبد الناصر قد وصل إلى الحكم حديثاً، وكانت غزة تحت سيطرة مصر كنتيجة لحرب 1948.

عام 1953 وافقت الحكومة المصرية بعد مفاوضات مع وكالة “الأونروا” وبدعم من واشنطن، على مشروع يقضي بتوطين نحو 12 ألف أسرة من غزة على أرض سيناء.

تابعونا عبر  فيسبوك

المشروع أغضب الغزاويين واندلعت تظاهرات كبيرة عام 1955 عرفت بـ”هبّة مارس” رفعت شعارات مثل “لا توطين ولا إسكان.. يا عملاء الأمريكان”.. وانتهت القصة حينها بإلغاء القاهرة مشروع التوطين في سيناء.

عام 1967 احتلت “إسرائيل” غزة، وطرحت مشروعاً لنقل لاجئين من القطاع إلى منطقة العريش المصرية لكن القاهرة رفضت.

عام 1971 كان أرييل شارون قائداً للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.. شنّ حملة دموية ضد غزة، وأعاد إحياء مشروع توطين لاجئين من غزة في صحراء سيناء.. لكن مصر رفضت مرة أخرى وبشدة!.

في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، عرض نتنياهو مشروع التوطين في سيناء على مبارك، الذي قال إن تسريب صوتي عام 2017 إنه رفض فكرة توطين الفلسطينيين في مصر رفضاً قاطعاً
مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم عام 2013، كشفت مجلة “فورين بوليسي” أن محمد مرسي قبل عرضاً أمريكياً يقضي بشطب ديون مصر الخارجية لدى الدول الغربية مقابل توطين الفلسطينيين في سيناء.

الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس أكد هذه المعلومات في لقاء مع إحدى القنوات المصرية الخاصة.. حيث قال حرفياً: “الخطة الإسرائيلية قُبلت للأسف من قبل البعض هنا في مصر.. لا تسألوني المزيد عن ذلك، لقد ألغيناها”.

لكن يبدو أن السيسي تلقى ذات العرض من “إسرائيل”، وعرضه على محمود عباس، بحسب وسائل إعلام عبرية.

التقارير الإعلامية الإسرائيلية أفادت أن السيسي عرض على عباس عام 2014 منح قطعة من سيناء على مساحة 1600 كيلومتر مربع متاخمة لغزة لإقامة دولة فلسطينية، تزيد مساحة غزة إلى 5 أضعاف مساحتها الحالية، ليصبح للفلسطينيين دولة اسمها «غزة الكبرى»، لكن تصريحات عباس في أكثر من مناسبة أشارت إلى رفض العروض المصرية.

اليوم ومع اندلاع الحرب على غزة مجدداً.. ظهر موقف السيسي متصلباً تجاه قبول توطين سكان القطاع في سيناء.. وطلب من الغزاويين أن يظلوا “حاضرين في أراضيهم”.

تتعرض مصر لضغوط غربية، من بينها حوافز اقتصادية، للوصول إلى اتفاق ينهي القضية الفلسطينية بدولة للفلسطينيين في سيناء، لكن يبدو أن مخاطر المشروع على مصر يدفع قادتها إلى التردد مرةً والرفض القاطع مرة أخرى، رغم أنها أبدت ميلاً للقبول في أكثر من محطة تفاوض كما أسلفنا.

أولى هذه المخاطر أن مصر دولة مكتظة بالسكان واقتصادها هش، وهي لا تريد أن ترى كتلة جديدة من الفقراء تدخل أراضيها.

كما أن نقل سكان غزة إلى سيناء يعني نقل المقاومة إلى الأراضي المصرية، فإذا انطلقت هجمات من سيناء ضد “إسرائيل” ستضرب الأراضي المصرية وبالتالي سيصبح الطرفان في حالة حرب، وهذا ما قاله السيسي مؤخراً.

خلاصة الكلام.. يبدو أن القاهرة تقول باختصار “لا نريد متاعب في المستقبل”، ولكن يبدو أيضاً أن “إسرائيل” لن تكلّ من طرح المشروع والضغط عن طريق أمريكا على مصر لقبوله.

ذات مرة همس عضو في الكنيست الإسرائيلي أن مشروع “غزة الكبرى” أحد بنود “صفقة القرن” غير المعلنة.. فهل تخضع مصر في النهاية وتنتهي قضية المنكوبين في صحراء سيناء؟!.

شاهد أيضاً: قاعدة أمريكية سرية في “إسرائيل”.. ما هي حقيقة “الموقع 512” ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى