باحثة اقتصادية: قرارات الحكومة لا تعتمد على دراسات !
أكدت الباحثة الاقتصادية الدكتورة “رشا سيروب” أنها لا تعتقد أن القرارات الحكومية تستند إلى دراسات وأبحاث، وخير مثال على ذلك برأيها، ما حدث من فوضى عند صدور قرار استبعاد من لا يستحق الدعم، فالحكومة تعتبر التاجر هو الفاعل الاقتصادي الوحيد الذي يجب الاهتمام به، وعلى وجه الخصوص المستورد.
وأضافت إن «الحكومة اختارت الطريق الأقصر، لكنه الأكثر كلفة في توفير السلع للمواطنين، إذ لو أنها قدمت دعماً حقيقياً وفعلياً – وليس المقصود بالدعم هنا فقط دعم تكاليف الإنتاج، بل أيضاً بالسياسات والإجراءات – للزراعة والصناعة ورياديي الأعمال الذين يلبون الحاجات المحلية ويبتكرون الحلول، بدلاً من الاتكال على التاجر بذريعة “العقوبات”، فإن مشكلة الأسعار لن نقول إنها ستُحل، لكن كان بالإمكان الحد قدر الإمكان من ارتفاعها وضبط فوضاها».
وأكد” سيروب” في تصريحات صحفية أن «العامل الحاسم الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار لا يزال يتم تجاهله إلى حد كبير، وهو أن القدرة الإنتاجية للاقتصاد أصبحت محدودة جداً وتتضاءل مع مرور الزمن، لذلك أصبح الإنفاق يتجاوز الطاقة الإنتاجية، ليس لأن الإنفاق مرتفع للغاية – كما يروّج – بل بسبب وجود نقص في العرض.. فمنذ العام 2010 انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل حسب التضخم) بنسبة 6. 16 % بالمتوسط سنوياً خلال السنوات (2010 – 2019) ليصبح 32271 ليرة في العام 2019، وهو أقل مما كان عليه عام 1963 حيث كان 32434 ليرة، ولا يوجد اتجاه اقتصادي أكثر إثارة للقلق من انخفاض طويل الأجل في النمو».
تابعونا عبر فيسبوك
وتظهر مشكلة التضخم أكثر وضوحاً وأثراً – وفقاً لسيروب – في أسعار الأغذية والسلع الحياتية اليومية التي لا يمكن للمواطن أن يتخلى عنها، وهو ما يعرف بـ”السلع العديمة المرونة أو مرونتها ضعيفة”، بمعنى أن الطلب عليها لا يتغير مهما ارتفعت أسعارها، أو قد يتغير، لكن بمعدلات منخفضة نسبياً مقارنة مع ارتفاع الأسعار.
وترى “سيروب” أنه «لم يعد بإمكان إجراءات اقتصادية عفى الدهر عنها أن تسيطر على هيستيريا الأسعار، إذّ أنّ التضخم الحالي يعكس بشكل أساسي الاضطرابات المتأصلة في إخفاق السياسات، فقد خرج التضخم عن السيطرة وارتفع إلى حد مربك، ورغم قصور الجهاز الإنتاجي عن توفير كمية من السلع تلبي الطلب المحلي، ما تزال الإجراءات الاقتصادية والقرارات الإدارية تدور في فلك ترميم النتائج من خلال زيادة الجباية والتهديد بالعقوبات، بدلاًمن وضع حلول لأساس المشكلة التي تتمثل بالطاقة الإنتاجية المنخفضة، والتسعير الإداري الذي ما يزال باعتقاد صناع القرار هو الفيصل في ضبط جموح الأسعار».
تابعونا عبر فيسبوك
وأضافت: «أمام هذا الواقع، لم تكن الحكومة بعيدة عن تمكين الأفراد من تأمين الأموال اللازمة لهم للإنفاق، حيث اتبعت الحكومة بشكل غير رسمي إستراتيجيتي “الأخ الأكبر” و”غض الطرف”، بمعنى تركت أمور تسيير الأمور الحياتية للمواطنين على المواطنين أنفسهم، فمن يتمكن من دفع مبلغ أكبر للحصول على سلعة أو خدمة فليدفع، إضافة إلى غض النظر عن الموظف الذي يتقاضى “إكرامية”، وعن الموظف الذي يعمل في وظيفة أخرى، وعن انتشار عشوائية اقتصاد الظل الذي يقتات منه معدومو ومحدودو الدخل، وعن السلع المهربة داخل السوق السورية، وغيرها الكثير، لكن مجموع هذه الإستراتيجيات الحكومية، مع سياسات المواطن في الحفاظ على بقائه على قيد الحياة والتي مكنّته من استمرار قدرته على الإنفاق في الأجل القصير، سيكون على حساب كيان الدولة والسلام والأمان الاجتماعي على المدى الطويل».
شاهد أيضاً: قبل تحديد الصدقة.. عضو بمجلس الشعب يدعو الأوقاف لمناقشة الرواتب مع الحكومة