في الحسكة.. أسعار الألبسة المستعملة مرتبطة بسعر الصرف
استطاعت أسواق الألبسة المستعملة في محافظة الحسكة طيلة السنوات الماضية تأمين حاجة الأهالي من مختلف أصناف الألبسة والأحذية المستعملة المستوردة من الخارج وبأسعار مقبولة وفي متناول أيديهم، في ظل عدم قدرة شريحة كبيرة منهم شراء الألبسة الجاهزة نتيجة الظروف المعيشية وتراجع جودة تصنيعها.
وتباعاً، توسعت أسواق ومحال بيع الألبسة المستعملة حتى زاحمت أسواق الألبسة الجديدة المشهورة ضمن المدن، ودفعت بالكثير من أصحابها إلى إغلاق محالهم أو التحول إلى الألبسة المستعملة في ظل التراجع الكبير في مستويات الشراء، وفي ظل تزايد إقبال الأهالي على شرائها تنوعت مواد البالة لتشمل إضافةً إلى الألبسة والأحذية كلاً من الحقائب والستائر والألعاب والأغطية والألبسة والأزياء التراثية وتملأ بسطاتها الشوارع والساحات العامة.
تابعنا عبر فيسبوك
ولكن دوام الحال من المحال بحسب ما تصف السيدة “روعة الراشد” وهي أم لطفلين والتي أوضحت أن لمواد وألبسة وأحذية البالة درجات من حيث جودة التصنيع ومدى حداثة القطعة؛ حيث شهدت هذه الأصناف ارتفاعاً كبيراً في الأسعار مؤخراً.
ويبرر الباعة ذلك بارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية التي يتم شراء البضاعة بها وبيعها للأهالي بالليرة السورية إضافةً إلى ارتفاع أجور النقل وأجار المحلات وأجار العمال وغيرها من المصاريف الإضافية.
ولفتت الراشد إلى أنه مع ارتفاع أسعار البالة إلا أنها تبقى المفضلة للأهالي لأنها لا تقارن بأسعار الألبسة الجاهزة التي أصبحت ذات جودة سيئة ورداءة في التصنيع، أما البضاعة الجديدة ذات “الماركات” المعروفة أو المستوردة وذات الجودة الجيدة فإنها أقرب لحلم للعوائل ذات الدخل المحدود ولا يمكن شراؤها، موضحةً أنّ أخفض أسعار البالة هي أسعار ألبسة الأطفال التي لا تزال في متناول اليد؛ إذ تتراوح أسعار القطعة من البنطال أو الكنزة أو الجاكيت ذات الجودة الجيدة بسعر يتراوح بين 10-15 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ الجديد منها بسعر يقارب 100 ألف ليرة .
وأشارت السيدة إلى أنّ أسعار الألبسة الرجالية والنسائية المستعملة ارتفعت بشكل كبير ليتراوح سعر بنطال الجينز أو القماش الجيد بنحو 50 ألف ليرة سورية والكنزة أو القميص بسعر 25-35 ألف ليرة، أما أسعار الجاكيت الجيد لاسيما الجلد أو الجوخ فقد يصل إلى 200 ألف ليرة سورية، وأسعار الأحذية تتراوح بين 50-100 ألف ليرة سورية، مؤكدةً أنّ هذه الأسعار قد تنخفض بحسب نظافة القطعة وجودتها .
ليس بعيداً عنها تقوم السيدة أم عمار بشراء ألبسة مستعملة لأطفالها الثلاثة، مشيرةً إلى أنها قامت بتأمين كامل كسوتهم من الثياب المختلفة لفصل الشتاء بسعر يقارب 300 ألف ليرة سورية وهو سعر قد لا يكفي لشراء قطعة لباس جديدة لكل واحد منهم، مؤكدةً أنّ أسعار البالة لا تزال ضمن الممكن والمعقول وأنّ الغلاء لم يتوقف عليها وإنما شمل كل جوانب الحياة.
البائع صلاح السعيد يشير إلى أنّ أسباب ارتفاع أسعار البالة مرده إلى تراجع قيمة صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية التي يتم استيراد البضاعة بها والتي غالباً ما تأتي من إقليم شمال العراق إن كانت ذات مصدر أوروبي أو آسيوي ومن ريف حلب والرقة قادمة من تركيا إن كانت ذات مصدر تركي أو عربي.
وأشار السعيد إلى أنّ تجار البالة المفرق يشترون “الطابة”، ويقصدون بها كمية من الألبسة ذات الصنف الواحد موضوعة ضمن كيس مشدود بإحكام، بسعر يتراوح بين 150-200 دولار أمريكي من تجار الجملة، حيث يتم فتح الطابة وهنا يلعب الحظ دوره إن توفرت فيها عدد من القطع ذات الجودة الجيدة والأصناف الحديثة وهذا ما يعول عليه البائع لتحصيل رأس ماله، أما القطع المتبقية فهي هامش ربحه وغالباً ما تتوزع على القطع ذات الجودة المتوسطة والمنخفضة.
وأكد السعيد أنه رغم ارتفاع أسعار بعض أصناف البالة إلا أنّها لا تزال وجهة الأهالي لعدة أسباب أهمها أنّ قطعة من اللباس الجديد قد تعادل سعر 10 قطع بالة في ظل حرص رب الأسرة المنهك مالياً نتيجة الظروف الراهنة على إكساء أفراد أسرته وتأمين لباسهم بأقل تكلفة ممكنة بعيداً عن اللحاق بركب “الموضة”.