دراما حسب الطلب من السياسة إلى التسويق
تحوّل الموسم الرمضاني الحالي إلى ساحة للسجالات السياسية والفنية حول الأعمال الدرامية المعروضة خلال هذا الشهر، ليكون انتقاد الشكل الفني غائباً أمام التوجه السياسي ورغبة التسويق.
وفي الوقت الذي توجهت فيه منصات قطر الإعلامية لمهاجمة مسلسل “الاختيار” المصري، كان تلفزيون قطر يحذف مشهداً للممثلة ديمة بياعة في مسلسل “حضور لموكب الغياب”، وهو المشهد الذي صُور ضمن كنيسة.
ورغم أن المسلسل يشهد تواجد عدد من الممثلين السوريين مثل جهاد عبدو مازن الناطور، فإن الأخيرين لم يذكرا مسألة الحذف، ولم يكن أحد ليعرف بالأمر، لولا إشارة “بياعة” إلى حذف المشهد عبر حسابها على منصة “إنستجرام”.
ولم يتم ذكر المشهد المحذوف عبر إعلام الإمارة الخليجية، وبقي التركيز على العمل المصري “الاختيار”، باعتباره “يعرض أحداثاً منافية للواقع”، رغم أنه “يعرض جزئية تاريخية موجهة للداخل”، برأي القائمين على العمل، وهو ما يثير التساؤل حول استكمال الدور الإعلامي لقطر الموجه ضد مصر، رغم تطبيع العلاقات بين الطرفين.
منصة “إي جي بلس” التابعة لشبكة الجزيرة القطرية، هاجمت العمل بطريقة مستفزة للمصريين، عبر برنامج “السليط الإخباري”، الذي كان قلل من المحتوى المعادي للسلطة المصرية في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بتغير الخطاب الرسمي للدوحة ضد القاهرة.
وظهر المقدم في حالة هجومية على المسلسل، دون أن يقدم أي انتقاد موضوعي للعمل بإطاره الفني، وكان الرد عليه من متابعين مصريين في التعليقات، بأن يترك بلادهم بحالها، وليهتم ببلاده “الأردن”، إضافة إلى اتهامه بأنه يتبع أجندة تابعة لجماعة “الإخوان”.
على المستوى المحلي، في سوريا،فقدت العودة القوية للدراما الاجتماعية بريقها عبر حوارات شكلية، إذ كان “الحوار التجاري الجذاب” هو المسيطر في سيناريوهات أغلب المسلسلات، وظهر بوضوح توجه أغلب الكتاب إلى كلمات منمقة، على أساس أنها “هادفة”، لتكون “الترند” على صفحات التواصل الاجتماعي.
بعض النقاد، أرجع هذه الظاهرة إلى سطوة مواقع التواصل في الترويج للعمل الدرامي ولو كان دون المستوى، وذلك عبر اقتباس جملة من المسلسل في منشور لصفحة مليونية، لحصد آلاف التعليقات، التي تسأل عن موعد المسلسل وعن القناة العارضة له.
فلا يكاد يوم يمر دون أن تعيد صفحات حواراً من أحد المسلسلات، كالحوار المعاد ذكره بين عباس النوري وحلا رجب في مسلسل “مع وقف التنفيذ” ، وهو يقول لها: “موظفين.. مدراء ما بدنا.. طابو أخضر وبس”.
وكان من آثار هذا التوجه للاستهلاك التجاري، غياب الصدق والواقعية في المسلسلات الاجتماعية، فظهرت الشخوص كأنها من عالم موازِ، مختلف عن العالم الذي نعيش فيه، إذ يظهر الأب في مونولج ضمن صالون المنزل، منظّراّ لمدة ربع ساعة من الوقت.
كما دفعت فكرة التسويق والإشادة عبر صفحات التواصل، بعض الوجوه التمثيلية الشابة إلى المبالغة في الصراخ والحركات “السيكوباتية” في المشاهد، وذلك اقتناعاً بفكرة أن الممثل القوي يجب أن يصرخ ويمزق ثيابه حتى يصبح “نجماً” بالنسبة للمتابعين.