رئيسيمحليات

مقهى فريد من نوعه في اللاذقية

خاص بسام إبراهيم: تستعجل مارسيل (35 عاماً من ذوي الاحتياجات الخاصة) الخطى كل يوم صباحاً لتصل إلى مكان عملها، في مقهى ورق عتيق في حي الزراعة بمدينة اللاذقية، بعد أن وجدت فيه الدفء وفسحة الأمان الخاصة بها والمحبة ومكانا لإثبات ذاتها، وهي التي كانت تحتاج يومياً إلى نوعية محددة من الأدوية وعناية فائقة من أهلها.

تتبادل الأحاديث مع رواد المقهى وتقوم بعملها في تقديم المشروب أو الطعام الذي يطلبونه مع زميلتها عليا (22عاماً) بهمة كبيرة وكثير من الحب، اللتين أضفى وجودهما طابعاً جديداً على مستوى المقاهي في محافظة اللاذقية، مع ما يحتويه المقهى من مكتبة، ومشغولات يدوية وأكلات منزلية وأصناف المونة.

صاحبة المقهى لينا ضاهر قالت لجريدتنا إن فكرة المقهى كانت تراودني منذ فترة طويلة بأن يكون هناك صالون ادبي استطيع ممارسة هوايتي في القراءة لتمتزج الفكرة لاحقاً مع تجربتي الخاصة في عملي مع الجمعيات التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة حيث تعرفت حينها على هذه الشريحة المفعمة بالحب والابداع وتشكل لدي الهاجس لتمكينهم من تحقيق ذاتهم، معتبرة أنهم “مبدعون ..مختلفون وليسوا متخلفين”.

مشروع المقهى كما تقول ضاهر كان احدى الأفكار الفائزة بدعم برنامج الأمم المتحدة الانمائي لأفضل فكرة، وحمل بين طياته فكرة “دمج ذوي الاحتياجات بالمجتمع”، لأنطلق من هذا المشروع واجعل منه مكانا دافئا لكل من يرتاده وبيئة تحتضن من يعمل معي من هذه الفئة وترشدهم لطريقهم في العمل.

تابعونا عبر فيسبوك

يزخر المقهى بالجوانب الثقافية والابداعية، وتحتل المكتبة الركن الأساسي منه وبحسب ضاهر جاء ذلك كرد منها على “الحرب البشعة التي نعيشها واستهدفت ثقافتنا قبل كل شيء” وتقول: ” لنواجه هذه البشاعة الطافية على السطح , نحتاج الى فيض من الجمال ..والجمال لا يأتي الا من الفن أو القراءة ..وطالما بدأ الدمار من هذه المرحلة يجب ان يبدأ الإصلاح منها ايضا”.

قبل افتتاح المقهى تقول ضاهر، “كنا نتوقع ان يكون المقهى مقصداً لفئة من الناضجين لكنه أصبح فسحة أيضا لشريحة من الشباب رغم أنه لا يقدم النراجيل وما يشد هذه الشريحة إلى المقاهي “ربما لأن الجميع يحتاج إلى فسحة نظيفة تكون ملاذا لصفاء الذهن، لتصف هذه التجربة بأنها “مجرد قطبة صغيرة على هذا الجرح النازف وخطوة أولى نحو الشفاء”.

مرتادو المقهى أنفسهم أصبحوا على تواصل مع مارسيل وعليا ويسألون عنهما في حال غيابهما وهو ما تقول عنه ضاهر “لديهما طريقتهما الجميلة جداً في التعامل مع الناس، ويغمران المكان بالحب ويضفيان على المكان طابعاً أليفاً، كما تبادران لترتيب الطاولات وتنظيفها من تلقاء نفسيهما”.

أحد رواد المقهى ماجد سلطان الذي اعتبر أن المقهى يعطيه الاحساس “بالراحة والدفء كالمنزل” يصف تجربته ضمن المقهى وتعامله مع “مارسيل وعليا” أنهما يعطيان جمالية خاصة للمكان فتشعر أنك أمام “شخص بسيط وطيب يقدم لك الابتسامة قبل الخدمة” مشيراً إلى أنه من تجربته الأولى بالتعامل مع هذه الشريحة تبين له أنهم قادرون على الاختلاط بالمجتمع والتفاعل بايجابية.

ميلاد سكيف (اخ مرسيل) الذي يحضر يومياً لاصطحابه بعد انتهاء العمل إلى المنزل، أكد أن عمل مرسيل في المقهى أنهى مرحلة طويلة من المعاناة نتيجة الفراغ والعصبية والتشتت الذي كانت تعيشه , معتبرا ان فرصة عملها في المقهى اثرت ايجابا على حياتها بشكل كبير من حيث الالتزام بالدوام والنظافة والعناية بالهندام فضلاً عن تخليها باستشارة الطبيب المتابع لها عن أدوية كانت تحتاجها سابقاً من مهدئات وغيرها.

تبدي كل من عليا ومارسيل سعادتهما في العمل بالمقهى وتقول مارسيل إنها مع انتهاء عملها في الساعة الخامسة مساء من كل يوم في المقهى تعود إلى بيتها وتساعد أهلها بالأعمال المنزلية.

تجربة مارسيل وعليا في العمل بمقهى ورق عتيق يشعر صاحبته بأهمية الفكرة والتجربة التي خاضتها ..”هو حلم تحقق ..واتمنى ان تعمم مثل هذه التجارب وان تحظى هذه الشريحة باهتمام اضافي من الشؤون الاجتماعية والعمل”، مؤكدة أنها ستعمل كل فترة على تدريب أشخاص جدد من ذوي الاحتياجات لمساعدتهم في تامين العمل والانخراط بالمجتمع بشكل أكبر.

شاهد أيضاً: إليك تفاصيل غرق مركب في طرطوس

زر الذهاب إلى الأعلى