غير بيدرسون.. المهمة المستحيلة !
رابع مبعوث أممي لحل النزاع في سوريا، وخليفة دي ميستورا في كل أزمة، مهندس المفاوضات السرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي أنجبت اتفاق أوسلو، يقول عنه دبلوماسي نرويجي بأنه “يمكنه إيجاد حلول وتسويات لمسائل صعبة”.
فهل يحلّ المسألة السورية المعقّدة ؟!
حتى نهاية عام 2018.. كان قد مرّ على الحرب السورية نحو 8 أعوام، و3 مبعوثين أممين، هم كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي وستيفان ديميستورا.
فشل الثلاثة تباعاً في إيصال أطراف الصراع إلى حل سياسي، ووصف المبعوث الأول كوفي أنان مهمته بـ«بالمهمة المستحيلة»، بينما انتهت مهمة المبعوث الثالث ديميستورا بفشله في تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا.
المبعوث الأول لم يصمد أكثر من 6 أشهر، بينما تنحى الإبراهيمي قبل أن يكمل السنتين، أما ديميستورا فقد صمد لأربع سنوات قبل أن يعلن فشل مهمته ويأتي المبعوث الرابع.. النرويجي غير بيدرسون.
يحسب لبيدرسون دوره في ترتيب المفاوضات السرية بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والتي تمخض عنها لاحقاً اتفاق أوسلو للسلام بين الطرفين عام 1993.. كما حلّ عام 2005 محل ستيفان ديميستورا موفداً أممياً إلى جنوب لبنان.
استلم بيدرسون مهامه في وقت استعادت فيه الحكومة السورية معظم أراضي البلاد، وبدأ ميزان القوة يميل لصالحها.
انطلق المبعوث الرابع من حيث فشل سلفه في تشكيل لجنة لصياغة الدستور، ونجح بيدرسون فعلاً في تشكيل لجنة دستورية من الحكومة والمعارضة، لكن نجاحه توقف هنا، ولم يتمكن بعد عدة جولات من الوصول بالأطراف إلى نتائج توافقية، حتى أن مكان انعقاد الجلسات أصبح بحد ذاته مشكلة يصعب على بيدرسون حلها!.
تابعونا عبر فيسبوك
ولكن لماذا لم تنجح مهمة بيدرسون حتى الآن؟.
قال المبعوث الأممي ذات مرة إن السوريين العاديين قد يشعرون في بعض الأحيان أنهم جميعاً “محاصرون في صراع عالمي لا نهاية له”، واعتبر أن المجتمع الدولي منقسم حول سوريا، ومحاصر في منافسة جيوسياسية، وغالباً ما يركز على دعم أحد جانبي الصراع!.
وصل بيدرسون إلى دمشق في أولى مهامه عام 2019، وكانت قد سبقته منصات جنيف وأستانا وسوتشي، والوجود العسكري الأمريكي في الشرق، والتركي في الغرب، والروسي والإيراني في مناطق سيطرة الحكومة، ومشروع إثني انفصالي شرقي الفرات، ومشروع جهادي غربي البلاد!.
لقد وجب على المبعوث الأممي أن يتعامل مع كل هذه المتناقضات والصراعات والمشاريع، من دون أن يملك كممثل للأمم المتحدة أي ورقة قوة على الأرض تساعده في فرض رؤيته للحل.. وعليه أن يحصل على مباركة جميع أطراف الحرب الداخلية والخارجية في كل خطوة ليتجاوزها إلى الخطوة اللاحقة.. وهذا ما يبدو مستحيلاً حتى الآن!.
حصل بيدرسون على مباركة الجميع لتشكيل لجنة دستورية من الأطراف السورية، ولكن العبرة بنجاح عمل هذه اللجنة المتعثّر منذ انطلاقها.. ويأمل اليوم أن تساعده المبادرة الأردنية (خطوة مقابل خطوة) في إنهاء التعثرات السابقة.. فهل تنقذه هذه المبادرة من لحظة يعلن فيها أن هذه المهمة “مستحيلة”؟!.
شاهد أيضاً: “إسرائيل” تلوّح بتوسيع عملياتها في سوريا ولبنان !