آخر الاخباررئيسيسياسة

“أنا الملك عبد الله”.. وهذا ما جناه أبي عليَّ!

ذات مرة.. سأل صحفي إسرائيلي عن سرّ مشاركة زعماء “إسرائيل” في جنازة الملك حسين، فردّ مدير مكتب إسحاق رابين حرفياً: “لو عرفت ما فعله الملك من أجل أمن إسرائيل لما سعيت وراء جنازته فقط، وإنما هرولت!”.

هناك حكمة شائعة تقول: “الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون”.. فهل كُتبَ على ملك الأردن عبد الله الثاني أن يحصد طوال حكمه ما زرعه والده الملك حسين من صداقة سرّية مع “إسرائيل” ثم سلام علني “غير ناضج”؟ وما هي خفايا هذا الإرث الثقيل؟!.

يروي الكاتب الفلسطيني عارف حجاوي أنه عقب نكسة حزيران عام 1967 قال لهم الملك حسين: “قاتلوا الإسرائيليين بأظافركم وأسنانكم”.. ولكن ما أخفته السنوات السابقة للنكسة والسنوات اللاحقة كان مشيناً!.

يقول الملك حسين في مقابلة مع المؤرخ الإسرائيلي “آفي شليم” إنه التقى في حياته كثيراً من الإسرائيليين، ووصفهم بأنهم “أشخاص ودودون”.

ألف ساعة من المحادثات والمكالمات بين الحُسين والزعماء الإسرائيليين بدأت لأول مرة في لندن عام 1963.. 69 لقاء قبل معاهدة السلام.. وصداقة استمرت ثلاثين سنة مع رئيس الموساد “أبراهام هالفي”!.

هذا ما يقوله المؤرخ الذي أجرى مقابلة مع جلالة الملك لمدة ساعتين.. لقد أحب رؤساء الموساد الالتقاء بالملك حسين، وتوزعت أماكن اللقاء بين مقر الموساد وقصر الملك، وأيضاً على متن القارب الملكي في ميناء العقبة، وبمنازل خاصة في لندن وباريس.

الفضيحة الكبرى كانت بالوثائق التي رفعت “إسرائيل” السرية عنها مؤخراً، وكشفت عن تبليغ الملك حسين للمسؤولين الإسرائيليين عن تجهيز سوريا ومصر لحرب 1973.. لقد منحت “إسرائيل” العاهل الأردني في المكاتبات السرية حينها لقب “ينوكا”، وهي تعني “الطفل” نسبة الى تنصيبه على العرش قبل بلوغه سن الـ18.

تابعنا عبر فيسبوك

في تسعينات القرن الماضي، وبينما كان يجري التحضير لاتفاقية السلام بين الأردن و”إسرائيل” في الكواليس، رأى كلينتون الملك حسين يجلس مع إسحق رابين في انسجام ظاهر وتعجب، فسألهما: قولا لي، منذ متى يعرف أحدكما الآخر؟ أجاب رابين: “منذ واحد وعشرين عاماً يا سيادة الرئيس”، فصحَّح الحسين الأردني مع ابتسامة: “بل منذ عشرين عاما فقط”!.

وفعلاً عام 1994 وقّع الملك الهاشمي اتفاقية “وادي عربة” للسلام مع “إسرائيل”.. تضمنت الاتفاقية 30 مادة شاملة لكل نواحي التعاون، حتى قيل إنها “أكثر من معاهدة سلام” ونموذج لـ”سلام حارّ”!.

عززت الاتفاقية أمن المحتل الإسرائيلي، وصار الشريط الحدودي لفلسطين المحتلة مع الأردن الأكثر استقراراً حتى اليوم!.

وقعّ الملك حسين اتفاقية السلام مقابل الحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية من أمريكا وتعهّدها بضمان أمن العرش وتدعيمه، وهو ما حصل!.

وأيضاً مقابل التزام “إسرائيل” بتطبيق القرار الأممي 242 بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وإنهاء الصراع مع الفلسطينيين على أساس “حل الدولتين”.. وهذا ما لم يحصل!.

يقول وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق سيلفان شالوم “إن أمن الأردن واستقراره وازدهاره هي مصلحة استراتيجية بالنسبة إلى إسرائيل”.

مات الملك حسين عام 1999، وترك لابنه عبد الله إرثاً ثقيلاً من الارتباط بـ”إسرائيل”.. ولكن ما لا يعرفه كثيرون أن الملك حسين كان قد ورث عن جده الملك عبد الله إرثاً كبيراً من الارتباط بالغرب، بدأ منذ النشأة الأولى للأردن كإمارة تحت المظلة البريطانية، وحمل سلسلة محادثات سرية بين الجدّ والوكالة اليهودية آنذاك لتقاسم فلسطين!.

اليوم.. وبعد نحو 26 عاماً من حكم الملك الحالي عبد الله الثاني، لم يجنِ الابن من صداقات جده وأبيه والسلام “غير الناضج” سوى الخيبات المتتالية، بدءاً من تراجع “إسرائيل” عن تطبيق الاتفاقات المتعلقة بالانسحاب من الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وحق العودة، وصولاً إلى الانتهاكات المتواصلة للوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات.

ولكن كما يقال: “ضفر” الملك عبد الله «ما بيطلع من لحم» الملك حسين.. و”دم الإنكليزية ما بيصير مي”!.

شاهد أيضاً: النار تصل العراق.. هجوم جوي مجهول على قاعدة عسكرية في بابل

زر الذهاب إلى الأعلى