بعد خفض الفيدرالي لمعدلات الفائدة.. من ربح ومن خسر ؟!
خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة بواقع 50 نقطة أساس إلى ما بين 4.75% و5%، لينهي دورة تشديد نقدي بدأت في آذار 2022، وتوقع المركزي خفضاً آخر بـ50 نقطة أساس 0.5% هذا العام.
ودفع هذا الخفض البنوك المركزية العربية، بما فيها الإمارات وقطر والبحرين والكويت والسعودية، إلى اتخاذ قرار مماثل، بسبب ربط عملات هذه الدول بالدولار.
وكذلك، تجتمع البنوك المركزية في البرازيل وتركيا واليابان وإنجلترا هذا الأسبوع لاتخاذ قراراتها بشأن الفائدة على عملاتها، وذلك في اجتماعات منفصلة تمتد من الأربعاء حتى الجمعة.
وتراوحت الفائدة الأمريكية قبل هذا الخفض بين 5.25% و5.5% عند أعلى مستوى من 23 عاماً، وأثرت في الإقراض العالمي وديون الحكومات المقومة بالعملة الأمريكية أو تلك المربوطة بها.
تابعونا عبر فيسبوك
وفي صدارة الرابحين من خفض الفائدة يأتي المقترضون من أفراد وشركات وحتى حكومات، لأن الفائدة على هذه القروض ستتراجع، وبالتالي هبوط قيمة القسط النهائي الشهري المستحق على المقترضين.
من بين الرابحين كذلك أسواق الأسهم العالمية التي قد تكون هدفاً للمستثمرين بالصناديق المقومة بالدولار، والذين سينقلون أموالهم إلى استثمارات أخرى تحقق لهم عوائد مرتفعة.
وبعد أكثر من عامين على استغلال أصحاب الودائع المصرفية الفائدة المرتفعة عليها، فإن خفض الفائدة يقلل العوائد المالية على الودائع، مما يؤدي إلى بحثهم عن استثمارات ذات جدوى أفضل.
ويعتبر الذهب من بين الرابحين من هبوط أسعار الفائدة على العملات في العالم، فالعلاقة الطبيعية بين المعدن الأصفر وأسعار الفائدة عكسية، وهو ما ظهر هذا الأسبوع من كسر الذهب قمما تاريخية، مع توقعات خفض الفائدة.
سيكون قطاع الصادرات رابحاً من فرضية خفض الفائدة، لأن الصادرات تصبح ذات تنافسية عالية مع أسواق الصادرات الأخرى في العالم بسبب هبوط قيمة العملة، فخفض الفائدة يخفض قليلا قيمة العملة، وبالتالي تصبح هذه العملة أقل تكلفة على المستوردين “أي أن سعر السلعة يصبح أقل”، لذا تزداد فرص الإقبال على السلع الرخيصة.
من الرابحين كذلك الاقتصادات المحلية في العالم التي ستستقبل سيولة نقدية على شكل استثمارات، وهي أموال كانت في البنوك فيما يعني تدفقها للأسواق واستثمارها وتأثيرها الإيجابي على عجلة الإنتاج والتوظيف والنمو الاقتصادي.
وتتصدر البنوك في العالم قائمة أبرز الخاسرين من خفض الفائدة، لأن المودعين سيلجؤون إلى سحب أموالهم أو جزء منها واستثمارها بعيداً عن القطاع المصرفي.
وهذه الأموال ظلت منذ أكثر من عامين لدى البنوك، ويتقاضى أصحابها عوائد مالية، لكن خفض أسعار الفائدة سيقلل مقدار العوائد، ويدفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات استثمار أفضل.
أصحاب الودائع أيضاً هم خاسرون، خاصة أولئك الذين لا يملكون روح المخاطرة ولم يجدوا أدوات استثمار ذات مخاطر متدنية لوضع أموالهم فيها، مما يدفعهم إلى إبقاء الودائع داخل البنوك وتلقي عوائد أقل من السابق.
كما أن البنوك تتضرر من جانب آخر، وهو تراجع عوائدها المالية القادمة من الإقراض المصرفي، لأن أسعار الفائدة ستتراجع، وبالتالي تتراجع قيمة الفائدة المستحقة على الأقساط الشهرية.
من أبرز الخاسرين كذلك الصين، فبالعودة إلى تاريخ العلاقة بين الدولار واليوان فإن الأخير يرتفع مع تراجع الأول، وهنا تزداد تكلفة شراء اليوان، ويعني ذلك زيادة تكلفة الصادرات الصينية وجعلها أقل تنافسية.
ثمة مسألة أخرى مهمة وهي أن خفض الفائدة يعني زيادة الاستثمار، وهو أمر إيجابي، لكن زيادة الاستثمار تعني زيادة الإنتاج الذي يحتاج إلى أيدٍ عاملة، وبالتالي زيادة التوظيف.
لكن زيادة التوظيف تعني زيادة السيولة المالية بين الأفراد، وهنا تحدث زيادة الاستهلاك، والتي تدفع في مرحلة ما إلى زيادة الطلب على السلع، وبالتالي ارتفاع التضخم مرة أخرى.
شاهد أيضاً : ترامب يهدد بكارثة اقتصادية بعد خفض أسعار الفائدة