سوريا وإيران.. هل حان وقت الانسحاب ؟! (تقرير)
يكتبون أن سوريا على حبل مشدود بين إيران والعرب، ويقولون إن طهران تلوّح بـ”ورقة الديون” للضغط على دمشق، ويتوقعون نهاية وشيكة لشهر العسل بين سوريا وإيران، فهل هذه الأنباء والتقارير والتحليلات واقعية؟.. والأهم من كل ذلك.. ما هو موقف دمشق؟.. هل تساوم على الوجود الإيراني بعد 13 عاماً من الحرب؟.
تدرك طهران أن تحالفها مع دمشق ضرورة استراتيجية، حتى لا تصبح دولة معزولة وراء مياه الخليج، فهذا التحالف هو الأكثر استدامة في المنطقة.
وتدرك دمشق أن تحالفها مع طهران يحقق مصالحها في مواجهة محاولات “إسرائيل” لجعلها “دولة من ورق” في الصراع، عبر سحب الدول العربية واحدة تلو الأخرى إلى صفها عبر صفقات “التطبيع”.
وتدرك أيضاً أن هذا التحالف ضروري في مواجهة محاولات أنظمة عربية “كسر عضم” سوريا عبر سلسلة من المكائد كلما سنحت الفرصة، بدءاً من أحداث الثمانينات، وانتهاءً بأحداث 2011!.
حضور إيران المثير في سوريا يحمل وجهين: الوجه الأول: “وجه قوة”.. فهو ورقة تفاوض قوية بيد سوريا في أي مفاوضات حالية أو مستقبلية، أما الوجه الثاني: فـ”وجه حرب”!، قد يصبح هذا الوجود شرارة حرب في لحظة سوء تقدير من قبل “إسرائيل”.
يعتقد البعض أن إيران ليست في وراد تنفيذ أي انسحاب من سوريا في المستقبل القريب، وفي حال جرى هذا الانسحاب فسيكون طابعه تكتيكياً وشكلياً وليس استراتيجياً.. لكن القضية أعقد من ذلك، وتحتاج إلى قراءة موضوعية بعيداً عن التحليلات المتحيزة بحسب الموقف من سوريا وحلفائها.
يقول الباحث السوري عقيل محفوض إن ثمة محاولة لوضع دمشق أمام خيارين متعاكسين:
الخيار الأول: هو الاستمرار في التحالف مع إيران، وبالتالي استمرار المواقف المناهضة لدمشق من قبل الغرب و«إسرائيل» وعدة دول عربية واستمرار حالة الحرب.
أما الخيار الثاني: فهو تغيير الموقف السوري مع إيران وعودة العلاقات العربية وتخفيف الحصار الغربي، ما يعني تغيير مواقف وسياسات وتفاعلات وتحالفات دمشق بشكل كبير.
تابعونا عبر فيسبوك
فهل تساوم دمشق على الوجود الإيراني في سوريا؟ ألا توجد حلول وسط؟
صحيح أن دمشق بأمسّ الحاجة للعودة إلى المحيط العربي، لفك الحصار عنها والبدء بإعادة الإعمار، لكن يبدو أنها ترفض حتى الآن أي مساومة على الوجود الإيراني، فتعقيدات الحرب وأخطارها لا تزال حاضرة.. هناك قوى أجنبية (أمريكية – تركية) تسيطر على أجزاء من الأراضي السورية، ولا تزال تتدخل لفرض حلول سياسية على مقاس مصالحها الخاصة.
إذن.. المتوقع أن تقاوم سوريا الضغوط المتزايدة لتفكيك علاقتها بإيران، ولكن بحسب الباحث السوري عقيل محفوض فإن دمشق قد تجري مراجعة لطبيعة الوجود والدور الإيراني، من ذلك مثلاً العودة إلى سنوات ما قبل الحرب، والوصول إلى نقطة توازن بين الأسباب التي أدت إلى تزايد حضور إيران وبين الهواجس العربية والإقليمية من استمرار ذلك الحضور.
مؤخراً، وفي مقابلة مع قناة المصرية، قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رداً على سؤال حول الوجود الإيراني والروسي في سوريا: “إن هؤلاء الأصدقاء لا نوايا لديهم إلا مساعدتنا وبطلب منا، وسيرى الأصدقاء والعرب في كل مكان أنهم سيعودون إلى بلادهم مشكورين بعد أدائهم لمهمة تتعلق بوضعنا الحالي والمستقبلي”!.
إيران حضرت إلى سوريا بطلب رسمي من دمشق، ولأسباب سورية خالصة في المقام الأول.. وهذا يعني أنها ستنسحب متى انتهت هذه الأسباب.. والأهم أن نعرف أن هناك فرقاً كبيراً بين الانسحاب وبين فك التحالف!.
hشاهد أيضأً: تحذيرات من انجرار سوريا إلى حرب إقليمية ؟!