أردوغان.. والمعارضة «السَلَطَة»
وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل بيضه في سلّة المعارضة السورية، واعتقد أن نظام الحكم في سوريا سيسقط خلال أسابيع.
أعلن بعد 4 أشهر من اندلاع الأحداث أن «الحديث مع حكومة دمشق انتهى».. أراد الصلاة في الجامع الأموي بشكل سريع.. وأن يكون صاحب «الكلمة الفصل» في مستقبل سوريا، لكنه اكتشف متأخراً أنه يغامر بمستقبله السياسي، وبمستقبل 80 مليون تركي، وكان الاكتشاف الأهم أنه راهن على «حصان خاسر».
تابعونا عبر فيسبوك
تركيا الداعم الأول للمعارضة السورية، جعلت أراضيها منطلقاً لتحركات المعارضين على المستويين السياسي والعسكري، ومهدت الطريق لهم للجلوس مع المجتمع الدولي، بعد أن اعترفت «بالائتلاف» كـ«ممثل وحيد للشعب السوري».
وحازت السلطة في تركيا صيف 2012 على قرار برلماني يؤهلها لإجراء عمليات عسكرية استخباراتية خارج الحدود.. كل ذلك فداءٌ للمعارضة التي ستفشل في أداء المهام التركية، وستدفع أنقرة لاحقاً للتدخل العسكري بشكل مباشر، بعد أن كاد الأتراك عام 2016 يخسرون جميع مكاسبهم السابقة لصالح الحكومة السورية والوحدات الكردية.
ارتكب المعارضون السوريون أخطاء جسيمة، لم تجلب المصائب على بلدهم وحسب، بل أصبحت تركيا الداعم الأكبر لهم، لا تعرف كيف تخرج من هذه المعمعة.
فساد ومحسوبيات داخل منصات المعارضة، وتناحر على مناصب وكراسي لا قيمة لها على أرض الواقع، ارتهان إقليمي لدول متنازعة فيما بينها، وارتهان داخلي لكيانات وفصائل متطرفة، وبعضها مصنفة إرهابية.
الباب المفتوح
اتبعت حكومة أردوغان مع المعارضين السوريين سياسة «الباب المفتوح».. الباب الذي جلب مخاطر أمنية على الدولة التركية، ومشكلات اقتصادية، وأزمات دبلوماسية مع دول الجوار، وصارت أنقرة تفكر في إغلاقه!
سعت تركيا لكسب نفوذ واسع في سوريا عبر استخدام «ورقة المعارضة»، لكن فشل «الائتلاف» والفصائل المسلحة المتناحرة، حوّل الفرصة إلى تهديد.
خلال شهر آذار الماضي، أغلقت السلطات التركية مقر «الائتلاف» في أنقرة، وبررت مصادر تركية أن الإغلاق سببه «تخفيض الميزانية المالية المخصصة للائتلاف»، لا سيما مع وجود مقر آخر له في إسطنبول، فهل هذا سبب مقنع؟
ضحت تركيا بالإخوان المسلمين على أراضيها لإعادة العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات، ولوحظ في الآونة الأخيرة رحيل عدد من قيادات «حماس» الفلسطينية عن الأراضي التركية، مع عودة التقارب التركي – الإسرائيلي، وسط توقعات بإغلاق مكاتب الحركة الفلسطينية في إسطنبول قريباً، و«لم يبق في الميدان إلا حديدان».. «الائتلاف السوري المعارض» لن يكون أغلى من هؤلاء.
حكومة أردوغان مستعجلة لجني مكاسب سياسية واقتصادية وميدانية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المصيرية، وهذه المكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا بالتعاون مع حكومة دمشق، خاصة في موضوع اللاجئين السوريين وإنهاء التهديدات الانفصالية الكردية.. هذا ليس كلاماً رومانسياً من المؤيدين للحكومة السورية، بل كلام الأتراك أنفسهم.
«الائتلاف» المعارض اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما «الرحيل» أو «الترحيل»!
وسام إبراهيم
شاهد التقرير بطريقة الفيديو: أردوغان.. والمعارضة «السَلَطَة»