معركة «عضّ الأصابع».. أوروبا المنقسمة vs الغاز الروسي !
تتوجه معركة عضّ الأصابع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا نحو التصعيد بعد أن قطعت موسكو الغاز عن 13 دولة أوروبية كلياً أو جزئياً.
في الأثناء، تتوجه بروكسل نحو تسقيف أسعار الغاز، ووضع خطة صارمة لمواجهة شتاء روسي قاسٍ.
وما يدعو الاتحاد الأوروبي إلى الثقة في قدرته على تحمل انقطاع تام للغاز الروسي، الذي كانت دوله تعتمد عليه بنسبة 40%، تمكنه من تخفيض هذه النسبة إلى 9% فقط.
وتجاوز الاتحاد الأوروبي نسبة ملء خزانات الغاز الهدف المحدد والمُقدّر بـ80%، ليبلغ 84%، ومع ذلك فإن المفوضية الأوروبية ترى أن ذلك “ليس كافياً”.
فهذه النسبة لا تسمح لأوروبا سوى بالصمود لثلاثة أشهر، لذلك تراهن فون دير لاين، على من تسمّيهم “المُورّدين الموثوقين”، والمتمثلين في الولايات المتحدة والنرويج والجزائر، للحفاظ على أوروبا دافئة على المدى الطويل.
الكل يتألم في معركة الغاز، سواء دول الاتحاد الأوروبي، التي تجد صعوبة في تعويض الغاز الروسي قبل الشتاء المقبل، ناهيك عن الأسعار المضاعفة.
وتكلفة فرض أوروبا وحلفائها عقوبات على روسيا، على خلفية الحرب في أوكرانيا، كانت كبيرة، بالنظر إلى تضاعف أسعار الغاز في السوق الدولية، وانتشار المظاهرات والاحتجاجات في أكثر من بلد أوروبي بعد ارتفاع فواتير الكهرباء وغاز التدفئة.
غير أن الاتحاد الأوروبي لا يُبدي استعداداً للتراجع أمام التهديدات الروسية بوقف إمدادات النفط والغاز إلى القارة العجوز.
ورئيسة المفوضية الأوروبية ماضية في اقتراح خطة متشددة ستكون لها تداعياتها على تماسك الاتحاد الأوروبي وعلى علاقته، ليس فقط بروسيا بل بكبار المصدّرين للغاز أيضاً.
تابعنا عبر فيسبوك
وتتمثل خطة “فون دير لاين”، لإصلاح جذري لقطاع الكهرباء، وإنهاء تبعية أوروبا للغاز الروسي، بحسب وسائل إعلام غربية، في تحديد عائدات توليد الطاقة لشركات الطاقات المتجددة والنووية بـ180 يورو لكل ميغاواط/ساعة، ما سيسمح بجمع أكثر من 140 مليار يورو.
وفرض ضريبة على الشركات العاملة في صناعات النفط والغاز والفحم والتكرير بنسبة لا تقل عن 33% من أرباحها الإضافية.
بالإضافة إلى حثّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على خفض الاستهلاك الإجمالي من الطاقة بـ10%، وفرض خفض الطلب خلال ساعات الذروة المحددة بـ5%.
وتقترح “فون دير لاين”، وضع سقف لسعر الغاز الروسي المرسل إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب، بينما تطالب دول أخرى على غرار إيطاليا بتسعير سقف الغاز من جميع الدول، في إشارة إلى الولايات المتحدة والنرويج والجزائر وقطر وأذربيجان.
ولا تحظى خطة “فون دير لاين”، بإجماع دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنها تتعلق بتسقيف سعر الغاز الروسي، في الوقت الذي يُهدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بوقف نهائي لإمدادات الطاقة نحو أوروبا.
فدول شرق أوروبا أو الدول غير المطلة على البحار مثل النمسا وبولندا، تخشى أن يؤدي تسقيف أسعار الغاز إلى قطع روسيا الغاز الطبيعي عنها نهائياً، في الوقت الذي لا تملك فيه بنية تحتية كافية لاستيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة أو من دول أخرى، ما سينعكس سلباً على إنتاج الكهرباء وتلبية حاجات مصانعها.
وتُعتبر المجر من أكثر الدول في الاتحاد الأوروبي الرافضة لفكرة تسقيف أسعار الغاز الروسي، أو حتى تخفيض الكميات المستوردة منه عبر الأنابيب.
وهذا الوضع من شأنه تعميق الانقسام بين دول الاتحاد الأوروبي، خاصة بين الدول التي ملأت خزاناتها من الغاز بنسب تفوق 80% ولها بدائل لاستيراد الغاز من دول أخرى، وبين الدول الأوروبية التي لا تمتلك البنية التحتية اللازمة لاستبدال الغاز الطبيعي الروسي بالغاز المسال.
والحديث عن تسقيف الغاز الطبيعي غير الروسي سيفتح أزمة مع النرويج والولايات المتحدة أكبر مصدّرين للاتحاد الأوروبي، خاصة أن الأمر يتنافى مع مبادئ اقتصاد السوق، وأن الأسعار يحددها العرض والطلب.
فالنرويج التي أصبحت على رأس الدول المصدّرة للغاز لأوروبا بعد تراجع الغاز الروسي شككت في إمكانية تحديد أسعار الغاز في ظلّ اشتداد الطلب عليه.
شاهد أيضاً: هكذا تهدد أزمة الغاز أكبر شركة ألمانية بالإغلاق.. ؟!