«تركيا.. اليونان».. هل حانت ساعة المواجهة ؟!
بعد أشهر من الهدوء الحذر بين تركيا واليونان، عادت حرب التصريحات بين الدولتين.
وهدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشكل مباشر، حيث قال: إنّ «الطائرات الحربية والمسيّرات التركية المسلّحة ستضرب أثينا إذا لم تتوقف الأخيرة عن استفزازاتها»، في إشارة إلى استمرار تسليح الجزر في بحر إيجه، والمناورات العسكرية التي أجرتها أثينا في جزيرتي رودس وليسبوس، الأمر الذي وصفته اليونان بغير المقبول.
الخلاف بين تركيا واليونان ليس وليد اللحظة، بل هو منقسم بين صراعات قديمة عالقة، وأخرى حديثة ومترابطة فيما بينها، ولا يقتصر على ملف واحد، وتُعَدّ القضية القبرصية أحد أبرز جوانبه.
وحاولت قبرص الاندماج مع اليونان، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا، ومنذ ذلك الحين تُعَدّ محل خلاف بين الدولتين، وهي منقسمة بين قبرص التركية وقبرص اليونانية، بحيث يُدير الأولى القبارصةُ الأتراك في الثلث الشمالي لقبرص، وتعترف بها تركيا فقط، ويدير القبارصة اليونان الثلثين الآخرين، وتحظى حكومتهم باعتراف دولي.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد الجزيرة، التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في تموز 2017، لم تُجرَ أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في قبرص.
وعلى مدار أعوام، ظلت قضية جزر بحر «إيجه» مصدراً للخلاف والتوتر بين أنقرة وأثينا، وتجلّى نزاع السيطرة في المجالين البحري والجوي.
تابعونا عبر فيسبوك
وتتهم أنقرة أثينا بعسكرة الجزر المتناثرة في بحر إيجه، فاليونان سلّحت 18 جزيرة حتى الآن منذ ستينيات القرن الماضي، بحسب الجانب التركي، وتقول إنّ سيادة اليونان على الجزر مرتبطة بتحقيق شرط نزع السلاح بموجب اتفاقيات دولية «لوزان وباريس».
من جهتها أثينا، تعتقد أنّ «الظروف التي كُتبت فيها هذه الاتفاقيات تبدّلت، وأنّ من حقها تسليح الجزر، أسوة بتراجع سائر الدول الأوروبية عن تطبيق أوضاع مماثلة خلال الحرب الباردة»، إذ توقَّف تطبيق قانون نزع السلاح في الجزر والأقاليم مع إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو.
ونتيجة لعدم التفاهم، تكررت المناوشات والمضايقات بين القوات الجوية والبحرية للجانبين، وتطورت في بعض الأحيان إلى اشتباك عسكري.
إلّا أنّ التصعيد الأبرز تمثّل بسماح أثينا للولايات المتحدة، بإقامة أكثر من 10 قواعد عسكرية في بعض هذه الجزر، تحت غطاء حلف الناتو، الأمر الذي أزعج أنقرة، وأعاد التوتر بين الجانبين إلى ذروته.
إضافة إلى ذلك، فيُعَدّ التنقيب عن النفط والغاز في شرقي البحر المتوسط من أبرز نقاط الخلاف بين تركيا واليونان، وخصوصاً أنّ هذه المنطقة تحوي حقولاً غنية بالغاز الطبيعي.
وتريد تركيا حصة جمهورية شمال قبرص التركية من الغاز قبالة قبرص، كما أنّها تحذّر اليونان من التوسع في التنقيب في المياه الإقليمية، وسبق أنّ أرسلت مقاتلات حلّقت فوق منصة استكشاف يونانية، في حين ترى اليونان أنّ «تركيا تنقّب في منطقة مصالحها الاقتصادية».
على رغم الملفات الخلافية المتعدّدة والمتشابكة بين البلدين، والتي ترتبط بالأمن القومي لكليهما، والتي تشمل أيضاً ملف المهاجرين، والموقف اليوناني الرافض انضمامَ تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإنّ احتمال اندلاع مواجهة بين الطرفين يبقى مستبعَداً، إذ إنّ هناك عوامل متعدّدة تساهم في منع انتقال البلدين من التوتر إلى التصعيد العسكري، أبرزها الحرب الأوكرانية، وعضوية البلدين في الناتو، والتأثير الذي يشكّله بالنسبة إلى كليهما، بحسب ما يراه مراقبون.
وعليه، فإنّ هذه التصريحات العدائية تحمل في طيّاتها رسالة ثلاثية الأبعاد، عبر الالتفاف على الوضع الاقتصادي الصعب لكلا البلدين، والعمل على التجييش الشعبي مع اقتراب البلدين من استحقاقات انتخابية مقبلة، ومحاولة كليهما إظهار قوته الردعية التي من شأنها أن تمنع أي تصعيد محتمل، بحسب ما أضافه المراقبون.
شاهد أيضاً : صحيفة تكشف «مفاجأة» عن حزب العدالة والتنمية !