2023.. أزمة الركود مستمرة والتضخّم سيخيّم على العالم!
يعاني الناس في شتى أنحاء العالم من التضخم بمستويات لم تُسجل منذ عقود، مع ارتفاع أسعار سلع وخدمات ضرورية مثل الطعام والتدفئة والنقل والإقامة، وعلى الرغم من أن ذروة التضخم ربما تلوح في الأفق، فإن آثاره قد تزداد سوءً.
انتهت فترة طويلة ومريحة من التضخم المحدود وأسعار الفائدة المنخفضة فجأة بعد أن عصفت جائـحة فيـ.روس كـ.ورونا بالعالم، إذ استمرت الحكومات والبنوك المركزية في دعم الشركات التي أغلقت أبوابها والأسر بتريليونات الدولارات.
وبحلول عام 2021، مع انتهاء عمليات الإغلاق ونمو الاقتصاد العالمي بأسرع وتيرة بعد ركود منذ 80 عاماً، ألقت أموال حزم التحفيز الضخمة هذه بظلالها على نظام التجارة العالمي.
فلم تستطع المصانع التي كانت متوقفة أن تعمل بالسرعة الكافية لتلبية الطلب، وتسببت القواعد الآمنة لكـ.وفيد-19 في نقص العمالة، في قطاعات البيع بالتجزئة والنقل والرعاية الصحية، وأطلقت طفرة الانتعاش شرارة ارتفاع أسعار الطاقة.
تابعونا عبر فيسبوك
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد بدأت الحرب الأوكرانية وأدت العقوبات الغربية على أكبر مصدر للنفط والغاز إلى ارتفاع أسعار الوقود.
ويُعرّف التضخم بأنه “ضريبة على الفقراء” لأنه يؤثر على ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى تضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت، وعدم المساواة في أنحاء العالم، ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم ويعتمد عدد متزايد على بنوك الطعام.
ومع حلول الشتاء في نصف الكرة الشمالي، يزداد الضغط على تكاليف المعيشة مع ارتفاع فواتير الوقود، ونظم العمال إضرابات في قطاعات من الرعاية الصحية إلى الطيران للمطالبة بأن تواكب الأجور التضخم، وفي معظم الحالات، اضطروا للقبول بأقل مما يطلبون.
وتهيمن مخاوف تكاليف المعيشة على سياسات الدول الغنية، وفي بعض الحالات يُغض الطرف عن أولويات أخرى مثل إجراءات مكافحة تغير المناخ.
وفي حين أن الانخفاض الذي تشهده أسعار البنزين في الآونة الأخيرة قد خفف بعض الضغط، فإن التضخم لا يزال محور تركيز إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويوسّع نظيراه الفرنسي والألماني ميزانيتهما لتوجيه مليارات اليورو إلى برامج الدعم.
ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، من هايتي إلى السودان ولبنان إلى سريلانكا.
ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 70 مليوناً آخرين في جميع أنحاء العالم، باتوا على شفا المجاعة منذ بداية الحرب الأوكرانية فيما يسميه «تسونامي الجوع».
وشرعت البنوك المركزية في أنحاء العالم، في رفع أسعار الفائدة رفعاً حاداً لتهدئة الطلب وترويض التضخم، وبحلول نهاية 2023، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض التضخم العالمي إلى 4.7 %، فيما يقل قليلاً عن نصف مستواه الحالي.
والهدف من ذلك هو «هبوط ناعم» في دورة الأعمال، تتراجع فيه الأسعار دون انهيار سوق الإسكان أو إفلاس شركات أو ارتفاع معدلات البطالة، لكن مثل هذا السيناريو الأفضل أثبت أنه بعيد المنال في المواجهات السابقة مع ارتفاع معدلات التضخم.
ومن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، إلى كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، هناك حديث متزايد عن أن دواء رفع أسعار الفائدة قد يكون مر المذاق، وعلاوة على ذلك، فإن المخاطر المحيطة بأمور يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، مثل الحرب الأوكرانية والتوتر بين الصين والغرب، تميل لأن تجعل الأوضاع تسير في الاتجاه النزولي.
وللتدليل على ذلك، كانت التوقعات الدورية لصندوق النقد الدولي في تشرين الأول من أكثرها قتامة منذ سنوات، وقال الصندوق فيها: «باختصار، الأسوأ لم يأت بعد، وفي 2023 سيشعر كثيرون بالركود».
شاهد أيضاً : الأسهم الأمريكية تعاني.. وتهديد يحوف بالاقتصاد العالمي!