آخر الاخباررأس مال

ندرة للدولار وتكدّس للبضائع.. ماذا يحصل في مصر ؟

نتيجة عدم توفر الدولارات للإفراج عنها، مصر تواجه أزمة تكدس البضائع بمليارات الدولارات، هي الأسوأ منذ عقود، مما عرّض المستوردين والتجار والمصنعين خسائر هائلة، وأدت إلى نقص في السلع ومدخلات الإنتاج وارتفاع الأسعار.

وبحسب المستوردين والمصنعين، كان ذلك نتيجة سلسلة من القرارات، التي أصدرتها بعض المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية، منذ التعويم السابق للجنيه المصري في نهاية 2016، للحد من نزيف الجنيه وزيادة الطلب على الدولار، ولكنها جاءت بنتائج عكسية.

وكان أسوأ تلك القرارات، بحسب وصفهم، هو قرار شباط 2022، والذي نص على وقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كل العمليات الاستيرادية، والعمل بالاعتمادات المستندية فقط لدى تنفيذ العمليات الاستيرادية، والذي لاقى رفضاً واسعاً.

تابعونا عبر فيسبوك

وأشاروا إلى أنه سبق أن فشل تطبيق هذا النوع من القرارات التي وصفوها بالمنفردة والأحادية، لأنه ينذر بوجود خلل في توفر العملة الصعبة بالبلاد، ويسمح بعودة ظهور سوق سوداء موازية، مما سيرفع الطلب على العملة الصعبة، سواء من قبل شركات الاستيراد أو المنشآت الصناعية لتغطية الاعتمادات المستندية، وهو ما حدث لاحقاً، فنشطت المضاربات على الدولار وقفز إلى 35 جنيها في وقت سابق.

وتحت ضغوط التجار والمستوردين والمصنعين، لم يستجب البنك المركزي لمناشدات إلغاء القرار، ولكن دخول صندوق النقد الدولي على خط الأزمة واشتراطه إلغاء هذا القرار، لاستكمال برنامج القرض الأخير البالغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهراً، دفع المركزي المصري إلى إلغائه قبل انتهاء الفترة الممنوحة له قبل نهاية العام الماضي.

وسلط موقع «ذا ماريتايم إكزكيوتيف» المتخصص في أخبار اللوجيستيات البحرية، في تقرير له الضوء على أزمة تكدس البضائع، وقال: إن أزمة العملة الصعبة الرئيسية في مصر تسببت في تراكم هائل في موانئ البلاد، حيث تتعطل سلع بقيمة 9.5 مليارات دولار، حتى مع انخراط الحكومة في إجراءات «يائسة» لتسهيل الإفراج عنها، وتجنب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وقالت إحدى المفتشات المنتدبة من مركز البحوث الزراعية: أن الكثير من الشركات الزراعية المعروفة تكبدت خسائر بملايين الدولارات، بعد أن فسدت بضائعها في الموانئ، إلى جانب تحملها تكاليف التأخير والكشف عنها.

ويتوقع صندوق النقد الدولي، رؤية تحركات يومية لسعر الصرف في مصر بعد إلغاء الاستيراد، من خلال الاعتمادات المستندية، واستئناف الاستيراد بشكل طبيعي من أجل إظهار تقلبات سعر الصرف اليومية، التي ينتظرها الصندوق للتأكد من مرونة سعر الصرف.

وقبل قرار المركزي بأيام، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال: إن البنوك المصرية ستغطي كمية الدولارات المطلوبة، للإفراج عن البضائع المتراكمة في الموانئ في غضون 3 إلى 4 أيام، داعياً إلى تغطية عملية الإفراج عن البضائع إعلامياً للقضاء على الشائعات.

وتعهدت الحكومة بنشر تقارير أسبوعية عن البضائع المفرج عنها من الموانئ من أجل إعادة عجلة الاقتصاد إلى ما كانت عليه وطمأنة الأسواق، ووصفت الأزمة بالتحدي الذي تواجهه الدولة المصرية في ظل الظروف الراهنة.

من جهتها، كانت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة المصرية، نشرت في نيسان الماضي، قائمة تضم منع دخول منتجات مئات المصانع والعلامات التجارية إلى السوق المصرية، لمخالفتها القرار الوزاري رقم 43، الذي ينص على ضرورة إنشاء سجل للمصانع والشركات مالكة العلامات التجارية المؤهلة لتصدير المنتجات بهيئة الرقابة.

واعتبر المستشار الاقتصادي أحمد خزيم أن تراجع البنك المركزي عن قرار شباط، كاشف لحقيقة طريقة اتخاذ القرارات من كل جهة على حدا، دون دراسة لنتائج تلك القرارات على الاقتصاد المصري، وقال: القرار تسبب في تراكم بضائع بقيمة 15 مليار دولار وخسائر فادحة للمنتجين والمصنعين والمستوردين، وأيضاً للمواطنين المستهلكين، ولم تحم الجنيه من الانهيار ولا الدولار من الارتفاع، بل العكس زادت الطين بلة.

وحذر خزيم، من تحول السوق المصري إلى حقل تجارب للحلول المؤقتة والمسكنات غير الدائمة، والابتعاد عن الحلول الجذرية للأزمة، والتي تتمثل في زيادة الإيرادات من خلال التركيز على الإنتاج والصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، ورفع قبضة الدولة عن الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار المباشر، وإلغاء العراقيل البيروقراطية التي تعطل المشاريع.

شاهد أيضاً : 2 تريليون دولار.. خسائر الصناديق السيادية والتقاعدية حول العالم!

زر الذهاب إلى الأعلى