كريم يونس عميد الأسرى الفلسطينيين
كريم يونس أسير فلسطيني عاش 35 عاماً في عالم القمع بالسجون “الإسرائيلية”، فكان شاهدا على سياسة التطرف العنصري ضد الأسرى، الذين كلما ازدادت ظروفهم قسوة، تزداد إجراءات التشديد عليهم.
وكان كريم ثائراً بارز الاسم في النضال الوطني الفلسطيني وتاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، ومعروفا لدى الأسرى والمحررين، كما خبر نضاله الناشطون والمتابعون لقضايا الأسرى والمعتقلين.
المولد والنشأة
ولد كريم يونس فضل يونس، الملقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1956، في قرية عارة الواقعة في المثلث الشمالي بالداخل الفلسطيني.
توفي والده يونس فضل يونس في السادس من يناير/كانون الثاني 2007، في الذكرى الـ30 لأسر كريم، مما ضاعف لدى الأسرة الحزن وألم الذكرى.
الدراسة والتكوين العلمي
درس كريم يونس المرحلة الابتدائية والإعدادية في بلدة عارة، ودرس المرحلة الثانوية بمدرسة الساليزيان في الناصرة، وخلال دراسته البكالوريوس بجامعة بن غوريون في النقب اعتقل من قبل قوات الاحتلال.
واصل رحلته التعليمية داخل السجون، فالتحق بالجامعة المفتوحة أبوديس، وأنهى دراسة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وأشرف على عملية التعليم الجامعي للأسرى، وكان يشجعهم على كسر أحد أهداف الاحتلال في طمس الثقافة والوعي.
واستطاع كريم يونس بتمكنه الأكاديمي ومعرفته اللغة العبرية واطلاعه على الفكر الصهيوني الخوض في التنظير والتأسيس من ناحيته لمنظومة فكرية، وقد تمتع بصفات الباحث الموضوعي.
وكان يونس قادرا على الصمود أمام السياقات الإعلامية والنزعات العاطفية خلال بحثه في تفنيد الفكر الصهيوني، ونقد الفكر السياسي الفلسطيني التقليدي.
ويشهد كل من زملاء كريم في مرحلة الشباب، ورفقاؤه الأسرى المحررون الذين أمضوا معه سنوات في السجن، بأنه كان “طالبا مجتهدا ومثقفا، وذا شخصية جريئة مناضلة وشجاعة، كما كان سياسيا مبادرا رغم طبعه الهادئ، وكان يتفانى في الصراع مع إدارة السجون من أجل حقوق الأسرى، كما اتصف بالصبر والصمود”.
قصة الاعتقال
في السادس من يناير/كانون الثاني 1983، اعتقلت قوات الاحتلال كريم يونس من مقاعد الدراسة في جامعة بن غوريون، وهو في الـ23 من عمره حينذاك، وقد اقتحمت منزل عائلته في قرية عارة للبحث عنه قبل ليلة من اعتقاله.
لم يعرف أهله في البداية مكان اعتقاله، وبحثوا عنه لأشهر في سجون الاحتلال، إلى أن استطاع المحامي العثور عليه في سجن عسقلان، وقد تنقل كريم يونس في كافة السجون.
وكان اعتقاله بتهم عدة، فاتهم بالانتماء إلى حركة فتح المحظورة حينها، والانخراط في المقاومة المسلحة، وقتل جندي إسرائيلي، وحكم عليه بالإعدام شنقا، ثم خفف الحكم إلى المؤبد المفتوح، وفي عام 2015 حددت سلطات الاحتلال المؤبد بالسجن 40 سنة.
ورفض كريم يونس أي ابتزاز، وعارض كافة أشكال التمييز والفصل والمساومة بين الأسرى من الداخل أو غزة والضفة والقدس، وكان أحد أبرز رموز الحركة الأسيرة، التي تكونت في داخل الخط الأخضر عقب عام 1967، وكان لها دور كبير في مشروع النضال والحركة الوطنية.
وقضى كريم يونس 40 عاماً من النضال من أجل حرية فلسطين وكرامة شعبها، ولم يكن يتطلع لخلاصه الشخصي بقدر ما كان ينتظر حرية الشعب الفلسطيني من نير الاحتلال، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن لآخر، لم يتأخر عن المشاركة في إدارة دفة الصراع دفاعاً عن الحركة الأسيرة ومكتسباتها، ولم تنل منه سنوات الاعتقال ولم تؤثر على معنوياته ومبادئه.
وكان دائماً ما يرفض استخدامه للضغط السياسي على القيادة الفلسطينية، على حساب الحقوق الأساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، وبذلك أصبح أيقونة للصبر والمقاومة، وقدوة ملهمة لكثير من الأسرى في عزمه وتجربته.
الإفراج
أفرج عن كريم يونس في الخامس من يناير/كانون الثاني 2023 عن عمر بلغ الـ65، بعدما أمضى 4 عقود معتقلاً في سجون الاحتلال.
وانتظرت عائلة كريم يونس هذا اليوم بفارغ الصبر، إذ بنى له أشقاؤه منزلاً في حي المسقاة في قرية عارة، فكانت أمه الراحلة دائما ما تحلم بتزويجه، كما جمعوا له مقتنيات والدته ووالده الذين فارقا الحياة قبل رؤيته حراً.